دعم الموسوعة:
Menu

معجم المشاريع الحسينية الجزء الأول:

 

الأقليات المسلمة ترسم الجغرافية السياسية ديمقراطيا

 

مرت على وجهالبسيطة أمم وأجيال وأقوام، طويت تحت عباءة النسيان أكثرها، والقليل منهانلمحها مما تركته من آثار، والقلة القليلة لا زال النفس يصعد فيصدرهاوينزل، وإذا ما أنعمنا البصرفي ما آلت إليه، سيقفز في ناظرينا وجودهاالقائم منذ عهود طويلة بفضل مشاريع حيوية ابتنتها لنفسها على صعيد فرديوعلى صعيد مجتمعي، فظلت هذه المشاريع تنمو كشجرة مثمرة تغذي أصحابها.

والمشروعبغض النظر عن أغراضه يحمل معه أعواد ديمومته، فهو البناء والاستمرارية، وهو يعادل البقاء، والبقاء يساوي الحياة، فالمشروعإذن هو الحياة، فيحيى الشخص إسماً وإن عفّر تراب القبر رسمه، كما أن المشاريعالمفيدة تكسب عزّاً لأبناء صاحب المشروع وأحفاده، وهي في الوقت نفسه تكسبالمجتمع عزا وفخرا.

وأعظمالمشاريع وأبقاها تلك التي ترتبط بشخصية فاعلة،ويتقرب منها طلباًلرضاها، فمرة ينسب المشروعإلىالممول نفسه، ومرة ينسب إلىشخصية أممية يسعى الممولإلى التسمي بتلك الشخصية التي تمثل الخير أو أنها الخير كله،ويبلغ الحب مبلغا بحيث يوقف الواهبرأسمال المشروع وعائداته وريعهلشخصية مرموقة أو جمعية خيرية، وبالتالي فهو يحاول الظفر بالأجر المعنويفي دنياه وآخرته، وحتى الذي لا يؤمن بجنة أو نارفإنهيوقف جزءاً من ثروته علىمشاريع خيرية وهو يعلم في قرارةنفسه أن مشروعه سيدوم من بعده وتستفيد منه أجيال مختلفة، وهو ما يشعره بالسعادة والغبطة، فهذا الشعور يحمل في طياته إيمان الواقفأوالمتبرع بديمومة الحياة، ويفيضرغبة جامحة في الخلود.

فالمرء حيث وظف أمواله وطاقاته، والخلود كل الخلود للمشروع الذي يرتبط بشخصيةعظيمة أعطت أغلى ما تملك لله والإنسانية من أجل صلاح الأرض وإعمار النفوس والأبدان، ولذلك تخلد المشاريع بخلود عناوينها،لأن أينشاط يصب فيصالح البشريةهو مشروع ناجح وخيره عميم،وما كانلسعادتها كان لله، وما كان للهكان حقاّ على رب البشرية أن يطرح فيه البركة والنمو، لأن ما كان لله ينمو،والنماء هو الديمومة والبقاء، والبقاء هو السعادة والهناء، والهناء هو الخير العاجل والخلود الآجل.

وحيث أنالارتباط بالخالد هو رغبة كل إنسان يتطلع إلى الخلود بعد رحيله عن ظهرالأرض، فإن الكثير من المشاريع الخيرية في أغراض شتى ارتبطت بشخصية سبطالنبي محمد (ص)الإمامالحسين (ع)بوصفه قتيل العِبرة والعَبرة، ولا تكاد بقعة من بقاع الأرض تخلو من مشروع خيري حسيني وضع فيها الواهبأوالواقف ماله فيه لخدمة الإنسانية، وهي في معظمهاتدار بشكل طوعي، ولأندائرة المعارف الحسينية يقع على عاتقها متابعة هذه المشاريع، فقد أفردمؤلفها البحاثة الشيخ محمد صادق الكرباسي بابا خاصا من مجموع أبوابالموسوعة الستين، إذصدر حديثا (1431 هـ = 2010 م) عن المركز الحسينيللدراسات بلندن الجزء الأول من كتاب "معجم المشاريع الحسينية" في 420 صفحةمن القطع الوزيري.

حركة التاريخ

يمثلالتاريخ حركة الزمن في طول حركة الإنسان والأمم، والتاريخ هو منظومة حوادثتصنعها حركة هذه الأمة أو تلك، وللظروف دخل فيها، ولكن الظروف هي الأخرىمن عمل الإنسان حتى وإن بدت عفوية، فالتاريخ في محصلته النهائية هو من صنعالإنسان نفسه، والأمة كأية أمة لا تعيش ظروفها الآنية منقطعة عن الماضيلأن تاريخها الآني هو حصيلة تراكمات لتاريخ سابق لصيق بحركة أسلافها، وهيفي الوقت نفسه حلقة وصل لحركة أخلافها، ولذلك تشدد كل أمة متمدنة وحضاريةعلى تقويم ذاتها حتى تنقل لمن يخلفها من الأبناء والأحفاد تجربة طيبة،وهذا التوجه ينطبق على حركة الإنسان في المجتمع وحركة المجتمع في الأمةوحركة الأمة في الواقع الإنساني.

ولاشك أن مكونات التاريخ لا تسبح في فضاء مفتوح وإنما تتحرك على الأرض، ومساحةالأرض تتقلص أو تتوسع تبعا لحركة المجتمع ولما يحمله من مشاريع لحياةالبشرية وسعادتها، ولذلك يعينالبحاثة الكرباسي في "معجم المشاريعالحسينية" فصلا واسعا تحت عنوان "النشأة الإسلامية للتاريخ والجغرافية" يتناول بالتأريخ والأرقام والنسب حركة الإسلام والمسلمين من المدينةالمنورة العاصمة الأولى المتشكلة سنة 1 للهجرة حتى يومنا هذا، وهو في جولته التاريخية والجغرافيةيتابع نشأة المسلمين للتاريخ والجغرافية عبر القرون،محاولا في الوقت نفسه اقتناص المشاريع التي أنشأهاالمسلمون وأوقفوها باسم الإمام الحسين (ع) بلحاظ أن نهضة الإمام الحسين المكملةلحركة التغيير التي انطلقت في مكة المكرمة على يد النبي الأكرممحمد (ص) الذي قال في سبطه:"حسينٌ منّي وأنا من حسين، أحبّ الله من أحبّحسيناً" (صحيح الترمذي: 13/195).

وفيحركته البحثية يتوقف المؤلف عند نهاية كل قرن ليخرج بأهم حصيلة تركتهاحركة المسلمين على مستوى التاريخ والجغرافية من توسع أو انحسار وقيامحكومة أو اندثار أخرى، وقد لاحظ وهو ينهي "معجم المشاريع الحسينية" بنهايةالقرن الرابع عشر الهجري (1979 م) أن هناك تعمداً من قبل بعض الهيئات غيرالمسلمة بتقليل عدد نفوس المسلمين بخاصة في المجتمعات التي يشكل فيهاالمسلمون أقلية، وقد يصل الفرق إلى 300 مليون إنسان مسلم.

ويلاحظ أنالبعض منالمسلمين على مستوى أفراد ومؤسسات يأخذ بالأرقام الغربية كمسلّمة دونتمحيص، ولكن الأكيد وحسب ما أعلن عنه السيد مونسينغور فيتوريو فورمنتي(Monsinfnor Vittorio Formenti) معد كتاب "أرقام الفاتيكان الإحصائية للعام 2008 م" أن أعداد المسلمينفاقت أعداد المسيح الكاثوليك فالمسلمون يبلغون 19 في المائة من سكان الأرضفي مقابل 17,4 في المائة هم كاثوليك، في حين يبلغ نسبة كل المسيح وفقإحصائية الفاتيكان 33 في المائة، وقد أخذت الإحصائية بعدد سكان الأرض لعام2006 م الذي بلغ 6,6 مليار، ووفق نسب الفاتيكان التي تمثل رأس الكنيسةالكاثوليكية فإن نفوس الكاثوليك بلغ 1,1 مليار إنسان فيما ارتفع عددالمسلمين إلى 1,3 مليار إنسان (جريدة مترو METRO اللندنية اليومية بتاريخ الجمعة 9/10/2009 م)، وأكد معد الإحصائية هذه الأرقام في لقاء صحافي مع جريدة(L'Osservatore Romano) الأسبوعية الصادرة عن الفاتيكان.(انظر: تقرير مراسلة وكالة رويتر سيلفيا ألويسي– Silvia Aloisi- بتاريخ 30/3/2003 م)، بيد أنالمحقق الكرباسي يقرر حسب ما توصل إليه في جدولإحصائي أن: (نسبة المسلمين في العالم هيالثلث ونسبة المسيحيين هيالثلثونسبة الأديان الأخرى مجتمعة هيالثلث، فإذا كان نفوس العالم ستة ملياراتفإثنان منها مسلمون حسب ما توصلنا إليه في مجموعة تحقيقاتنا).

الشعر يؤرِّخ

إن أي مشروعوبشكل عامهو عبارة عنمكان، والبناء المرتبط بمقدس يعتبرتاريخ إقامتهحدثابارزاًإن كان على مستوى بلد أو مستوى أمة، ولذلكجرى العرف على إقامة الاحتفال عند وضع حجر الأساس لمشروع ربحي أو غير ربحي، وقص الشريط عند الإنتهاء منه أمام الجمهور وعدسات التصويركنوع من الإشهار والإعلان،ولا تبتعد مثل هذه الحوادث والمناسباتعناهتمامالشعراء والناظمين أصحاب الحس والشعور،من هنا فلا يخلو مهرجان أو احتفالية من قصيدة لشاعر باعتبار أن الشاعر صوتالأمة والقصيدة ملح الاحتفالية، والأهم من ذلك هو بروز نوع جديد من الشعريؤرخ للحدثالمعنيببيتأوشطر بيت بعد كلمةتاريخوتصريفاتها، يكون العجز في معظم الأحيان هو مدار التأريخ والتوثيق،ويسمى مثل هذا النوع من الشعر بـ "حساب الجُمَّل"أو "الحساب الأبجدي"حيث يصوغ الشاعر تاريخ المشروع بكلمات بليغة في سياق البيت، وبحسابمجموع قيمالأحرفيتضح تاريخ إقامة المشروع، وذلك باعتماد الحروف الأبجدية (أبجد، هوز، حطي،كلمن، سعفص، قرشت، ثخذ ضظغ) وهي مجموع 28 حرفا يبدأ الترقيم برقم(1) مقابلحرف الألفوينتهي برقم(1000) مقابل حرف الغين، وهي حسبتسلسلالأبجدية تسعة من الحروف للأرقام الآحاد (1-9) (ألف- طاء)وتسعة للعشرات (10-90) (ياء- صاد)وتسعة للمئات (100-900) (قاف- ظاء)وينفرد الحرف الأخير(الغين)للرقم ألف.

ولم يتم الوقوف علىتاريخ بدء هذا الفن من النظمفي مجال توثيق الحدث،ولكن الثابتأن حساب الجملكان مستعملا فيغابر التاريخ في مجال الحسابوتوثيق الحدث رقميا، فاستعمله العرب في العصر الجاهلي وبعده، فكان يشار للرقم بكلمات وكذلك يشار إليه بالحروف، فيقال على سبيل المثاللعدد الدراهم(247) مائتان وسبعةوأربعوندرهما، وقديشارإليه بكلمة "زمر"بلحاظ أن قيمةالراء(200) وقيمة الميم (40)وقيمة الزاي (7)، ومثل ذلك يقال لتاريخ وقوع حدث دون ذكر الرقم،فإذاقيل على سبيل المثال بدأ الفاطميونببناء جامع الأزهر الشريف سنة(طنش) وانتهوا منه سنة (أسش)فهي إشارةإلىسنة (359 هـ) و(361 هـ).

ويرى البعض أن هذا النمط من التوثيق النظمي للحدث لم يكون معروفا في العهد الإسلامي الأول، حيث لمتصلنانماذج منه، وحسب الأديبالعراقيالسيد محمد علي بن محمدالموسوي النجار المولود في الحلة سنة 1341 هـ (1922 م) والذي اشتهر بهذا النمط منالنظم: "والمشاهد في كتب الأدب إن هذا النوع من الشعر ذاع بين الشعراء في القرنينالحادي عشر والثاني عشر من الهجرة وما بعده. وأغلب الظن أن هذا النوع منالشعر نشأ في أوائل القرن العاشر من الهجرة ونما وترعرع في القرنين الحاديعشر والثاني عشر منها" (ديوان التاريخ الشعريللشاعر السيد محمد علي النجار: 18،جمع وتقديم حسام الشلاّه)، لكن الأديب العراقي تيسير بن سعيد الأسدي المولود في كربلاء سنة 1390 هـ (1970 م) والذي ينظم على هذا المنوال، يرى أن: "هذا الفن ظهرت أولى بوادره في بداية القرن الثالث الهجري مما شكّل بداية للكثير من التواريخ الشعرية ارتبط بتدوين أحداث مهمة ظهرت على الساحة الإسلامية في تلك الفترة العصيبة وتوالت عملية استخدام التاريخ الشعري في القرون اللاحقة ليشكل فنّاً مهماً من فنون الشعر العربي" (مؤرخات الأسدي:المقدمة).

وليس التاريخ الشعريبالأمر الهين، لأن قيمة التأريخ ليس في ضم الحروف وما يقابلها من الأرقامإلىبعضها، بلإنالمهم في البيت أن يعطي معنى مفيدا بكلمات منضودة أدبيا يكون مكملا للصدر أو مجموع الأبيات التي تسبقه.

وصار هذا الفن ملازما لمعظم المشاريع والحوادث والمناسبات في الأفراح والأتراح، ولا يخلو مشروع ذوبعد اجتماعيأودينيمن قطعة شعريةوتاريخ شعري،ومثال ذلك ما ورد في الصفحة 29 من الجزء الأول من معجم المشاريع الحسينيةفي توثيق تاريخ بناء سقاية الحاج علي بن عبد الحميد البغدادي الخزرجي الشهير بالحاج علي شاه البغدادي (1857- 1909 م) – جد والدي والمدفون في المرقد الحسيني الشريف بجنب مقبرة الشهداء-بوصف سقاية الماءواحدة من المشاريع الخيريةالمقامة باسم الإمامالحسين (ع)، يقول الشاعر العراقي السيد مرتضى بن محمد الوهاب (1916- 1973 م) الذي اشتهربالتاريخ الشعري، وهو يوثق لتاريخ السقاية التي أقيمتفي كربلاءسنة1324 هـ (1906 م) من بحر المنسرح:

أنشأ علي شاه من مآثره *** سقاية وردها من العسل

يجري بها الماء بارداً عذباً*** من منهل بالرحيق متصل

باسم الحسين استهل تاريخاً *** (يفيض بالطف سلسبيل علي)

ووضعتهذه الأبياتالمنقوشةعلى القاشانيفيالجانب الأيمن ومثلها على الجانب الأيسر،ولم يبق منها إلا الجانب الأيمن، فالسقاية الخارجة من المنزلفي زقاق الصفارين والذي شهد مسقط رأسي،قائمة إلى يومنا هذا كمعلم من معالم مدينة كربلاء التاريخية مع توقف إسالة الماء فيها (ديوان السيد مرتضى الوهاب:88، جمع وتحقيق: سلمان هادي آل طعمة).

ولا يخفى أن سقاية السابلةمن الأعمال الخيريةالمباركة، وهي ذات مردود دنيوي وأخروي للقائم عليها والعامل بها، وفيهذا يقول نبي الإنسانية محمد بن عبد الله (ص): "من سقا الماء حيثيوجد فكأنما أعتق نفسا ومن سقى الماء حيث لا يوجد فكأنما أحيا نفسا" (تاريخ دمشق: 2/376).

أماكن وأسماء

ولأنالمكان ملازم للمشروع الذي ينطلق منه العاملون والناشطون فإن أول ما يقفزإلى العين في المشاريع المتصلة بحبل الولاء للإمام الحسين (ع) ونهضته هوالأسماء والمسميات بخاصة أماكن اجتماع المحبين، فكل تسمية تعبر عن ثقافةذلك المجتمع ولغته وأساليبه في إدارة المشروع، وهذا الأمر يتابعهالدكتور الكرباسي بشيء من التفصيل والتدقيق، ولعلَّ أول ما يتبادر إلىالذهن من المشروع الحسيني هو مسمى "الحسينية" وقد تعارف الناس على أنهاالمكان الذي تقام فيه شعائر إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع) فيعاشوراء، ورغم أن المفردة من حيث اللغة ليست علماً بذاتها، لكنها أصبحتعلماً فيصح إضافتها إلى مفردات أخرى، فيقال الحسينية الأحمدية أو الحسينيةالحيدرية، ويكثر استخدام مفردة الحسينية عند أهل العراق.

وتتعددالأسماء بتعدد الثقافات واللغات والقوميات، فيقال النادي الحسيني كما هوعليه أهل لبنان، ويقال المأتم كما هو عليه أهل البحرين، ويقال "إمام باره" كما هو عليه أهل الهند، فكلمة "بارة" هي الموضع أو البيت المقدس،ويقال لها "إمام بارگاه" كما هو عليه أهل باكستان، و"بارگاه"بمعنى بلاط الملك والعظيم أو خيمته فهي بلاط أو خيمة الإمام، ويقال لها "التكية" وهي مفردة عربية كما يؤكدالمحقق الكرباسي وهي من جذر (وكأ) استعملها الأتراك وعادت إلى العربوالإيرانيين،ولعل أول من استخدم اسم التكية هم المتصوفة، لكنها سرت علىالأماكن التي يقام فيها مجلس رثاء الإمام الحسين (ع)، ويقال للحسينية "دارالحسين" بوصف المشروع موقوفاً للإمام الحسين فالداخل فيه إنمايدخل دار الحسين.

كماوهناك مسميات أخرى، فيقال للحسينية "سورا" وهي تعني الشعائر كما عند أهلأندونيسيا،ويقال للحسينية "العزية" بكسر الأول أي مكان إقامة العزاء وتكثر في المنطقة الشرقية لمجالس النساء، وتسمى لدى البعض "عزاخانه" أي بيت العزاءويستخدمها الناطقين باللغة الأردوية، ويقال لها "مأتم سرا" أي دار المأتم كماعند الناطقينبالفارسية والأردوية، ومن المسمياتالأخرىمصطلح "المنبر" وهي أيضا من المفرداتالعربية ولها استخدامات مختلفة فمرة يشار إلى أعواد المنبر ومرة يرادمكان إقامة العزاء،وقد يقاللها "المحفل" ويراد منها الحسينية،كمايراد من المحفل مكان إقامة المراسيمالدينية مثل محافل قراءة القرآن الكريم التي يكثر وجودها في العراق وإيران والشام،وقديقال لها "كاشانه" أي دار العزاء.

ومعأنَّإقامة مراسم العزاء على سيد شباب أهل الجنة (ع) هو الشائع في هذه الأماكن بمختلف مسمياتها، لكنها في واقعها ملتقى المسلمين في كل حيوزقاق، وتقام فيها الإحتفالات في الأعياد والمواليد، كما تقام فيها مآتمالعزاء على الراحلين من أهل الحي والمنطقة، كما تقام في الكثير منها مراسمالزواج، وهي إلى جانب هذه الفعاليات دور عبادة تقام فيها الصلوات اليوميةالخمس وصلاة الجمعة وصلاة العيدين، فالحسينيات ومسمياتها هي مشاريع عباديةواجتماعية معاً.

حضور واعد

من الثابت أن الأقلياتالمسلمةفيالبلدانغير المسلمة أصبحترقما ملحوظا بخاصة في الغرب، وبدأت بعض الحكوماتوالأحزاب الناشطة تمد جسور التواصل معها، لأن حجمها وتزايدها يوما بعد آخر بارتفاع معدلات الولادات أو بالتحولإلىالإسلام يجعلها في موقع القوة،فعلى سبيل المثال فإن الحكومة البريطانية ومنذ عقد راحت تبدياهتمامابالمناسبات الدينية للمسلمين وتستضيف قادة المسلمين على الإفطار وتحضرأعيادهم التي تعقد في ساحة الطرف الأغر(Trafalgar Square)بلندنمن كل عام، كما وأن القناة الأولى الرسمية (BBC) ولأول مرة في تاريخهاقدمتفيغرة شهررمضانالعام 2010 م وفي نهايةالنشرةالخبريةالمسائيةالتهانيللمسلمين بحلول شهر رمضان المبارك مع الإعلان عن زمن شروق وغروب الشمس مع وضع خلفية تمثل مسجد لندنالكبير (Regents Park Mosque).

ومن التطورات الإيجابيةأنمسلمي بريطانياولأولمرة في تاريخهم دخلوا الانتخابات البرلمانية والمحلية التي جرت في أيار مايو 2010 م بشكل منظم مما أكسبهم مقاعد جديدة فيمجلس العموم وفي المجالس المحلية،فقد ارتفع عدد النواب المسلمين في مجلس العموم إلى ثمانية نواب 3 من النساء وذلك من أصل 90 مرشحا 22 منهم من النساء، في حينكان العدد في انتخابات 2005 مأربعة نواب وفي انتخابات 1997 م نائبا واحدا هو السيد محمد سرور الذي ترشح عن حزب العمال في وسط غلاسكو في اسكتلندافضّلفي الانتخاباتالأخيرةترك الترشيح لنجله أنس سرور الذي فاز بالمقعد، كما وأنه لأول مرة في تاريخ الانتخابات البريطانية يدخل اثنان من المسلمين مجلس العموم ممثلين عن حزب المحافظين.

وبفضلالوعي المتزايد لمسلمي بريطانياونشاطهم فإن ملكة بريطانيااليزابيث الثانية قامت في العام 2010 م وضمن الاحتفالات السنوية في ذكرى ميلادها(Queen's birthday honours) بتكريم 25 ناشطا وناشطة مسلمة في المجالات الخدمية كافة،في حين بلغ عدد الهندوس والسيخ 14 عضوا و12 عضوا من الأقلية اليهودية. (جريدة مسلم نيوز، العدد 255، الصفحة 9، بتاريخ 30/7/2010 م)

وهذه التحولات المشهودة في الحياة السياسية للمسلمين في بريطانيا هي بمثابة بوصلة للمسلمين في أي بلد فيه نظام برلماني حزبي،حيثيحتم على المسلمين وبخاصة الجيل الجديد الانخراط في الأحزاب الوطنية من أجل الوصولإلىمراكز القراروالعمل لصالح المسلمين والبلد معاً.

وحتىيضعنا الدكتور الكرباسي على الواقع السكاني لكل بلد وهو في معرض الحديث عنبدءالوجود المسلمونشأة التاريخ الإسلاميبفعل امتداد رقعة المسلمين تاريخيا وجغرافيا،فإنه أفردبابا مستقلا وفق الحروف الهجائية للحديث عن كل بلد مسلم أو ذات أقلية مسلمة، حيث ضم الجزء الأول من "معجم المشاريع الحسينية" البلدان التالية: آذربايجان، إثيوبيا، الأرجنتين، الأردن، وأرمينيا.

وإلىجانب العشرات من الفهارس المهمة الميسرة لحركة البحث عن المعلومة في متونالكتاب وهوامشه، خصصالمؤلف في نهاية الكتاب مقدمة باللغة الفولانيةللزعيم الروحي في السنغال وغرب أفريقيا الشريف الحسن حيدر الحسنيونجله رئيسمؤسسة المزدهر العالمية الشريف محمد علي حيدر الحسني أكّدا أن شخصية نهضوية إصلاحية رائدة كالإمام الحسين (ع): (يستحق بامتياز بل تقصر في حقه عشرات الكتب بل ألوفها لتشرح ما كان يحمله من قيم وأهداف وما قدمه في سبيل العقيدة والإنسانية وفي إقامة الأمت وإصلاح العوج في دين الله الذي هو أغلى ما يتوخاه المرء إن صلح ويرجوه الشخص وإن طلح، ذلك لأنه دين القيّمة، ذلك لأنه قيم الإنسانية، ذلك لأنه أسس الفطرة)، ووجدا أنه: (ما جاءت دائرة المعارف الحسينية تلك الموسوعة التي لم ير النور مثلها في العدة والعدد إلا لتنير الدرب لمن يريد أن يفهم الحقيقة ويدرس الواقع الذي مشى عليه ذلك الإمام العظيم وتلك الشخصية السماأرضية حيث نسي نفسه وما يمتلكه وذاب في الإله الذي عبده باستحقاق وخرج ليصلح ما أفسده المفسدون)، وبعد اطلاعهما على الكتاب ومحتواه خرجا بحصيلة مفادها: (كان هذا الجزء رائعاً للغاية اختصر فيه تاريخ الإسلام لمن يمل من المطولات ويكلفه الكثير للوصول إلى المؤلفات والمصنفات فجاءت تمهد لمعرفة مواطن المسلمين وقدراتهم وتحفظ لنا إحصاءات دقيقة بكل موضوعية ليرفع الحيف والميل الذي تعرضت لها الأمة الوسطى والتي جاء دينها ليكون دستوراً لكل شعوب العالم لما انطوى على مفاهيم الإنسانية والحق وتطبيق العدالة).