دعم الموسوعة:
Menu

مؤلف دائرة المعارف الحسینیة و أسـرتـه

إعـداد
الأستاذ عبد الحسین الصالحی
ترجمة المُعِد :
البحاثة الأستاذ عبد الحسین بن حسن الصالحی :
ولد سنة 1354 هـ ( 1935 م ) فی کربلاء المقدسة – العراق
درس العلوم الحدیثة والإسلامیة فی کربلاء ، وتخرّج من معاهدها کاتباً فاضلاً ومحقـقـاً باحثـاً .
انتـقل إلى مدینة قـزوین – إیران ، عام 1391 هـ ( 1971م ) ومن هناک یواصل عمله کباحث وکاتب .
عضو محرر دائرة معارف تـشیّع - طهران .
عضو محرر دائرة المعارف الإسلامیة الشیعیة - بیروت .
عضو محرر مستدرک أعیان الشیعة - بیروت .
یمتلک مکتبة غنیّة بالمخطوطات فی کل من کربلاء وقزوین ورثها من أجداده .
له مقالات باللغتین العربیة والفارسیة نُشرت فی الصحافة العراقیة والإیرانیة وغیرهما .
له مؤلفات جلیلة من أهمها : کربلاء فی حاضرها وماضیها .
یرفد الموسوعة بما یملک من معلومات .


• أسرة الکرباسی :

من الأُسَر العلمیة المعروفة بالفضل منذ عهد قدیم ، حیث لم ینقطع عن هذا البیت العلماء والأدباء منذ أن حلّ جدهم الأعلى مالک الأشتر النخعی من بلاد الیمن ، الذی کانت ولادته فیها عام 25 قبل الهجرة ( 597 م ) ، فی بلاد الحجاز ، ومن ثم استوطن الکوفة عام 36 للهجرة ( 656 م ) وبقی نسله فیها ثم انتـقلوا إلى النجف الأشرف وکربلاء المقدسة والحلة الفیحاء ، ونتیجة للظروف الأمنیة ، هاجر بعضهم العراق ، وسکن مختلف البلاد الإسلامیة آنذاک ، ومنها خراسان واصفهان ویزد وهمدان ، وهرات على عهد البویهیین ، وقد جاء لقب الکرباسی من جدهم الأعلى آیة الله العظمى الشیخ محمد حسن الأشتری المتوفى عام 1190 هـ ( 1776 م ) والد شیخ الفقهاء الإمام الشیخ محمد إبراهیم الکرباسی صاحب الإشارات ، وقد برز منهم عدد کبیر من المراجع والفقهاء والأدباء والمؤلفین والخطباء ، وکان لهم دور بارز فی المجتمع الإسلامی أینما حلّوا وارتحلوا ، وقد ترجمهم العلماء والأدباء وکتبت سیرتهم فی المعاجم والمؤلفات .
یقول آیة الله الشیخ جعفر محبوبه فی کتابه ماضی النجف وحاضرها عن هذه الأسرة : هم من البیوت العلمیة العریقة فی العلم والمحلقة بالفضل ، وهم أهل شأن واعتبار ، یتمتعون بحُسن الذِکْر وجزیل الفخر ولهم جلالة وعظمة لما حازوه من التقدم فی العلوم الروحیة والکمالات النفسیة وهم أهل نعمة وثراء وشرف وإباء .
وما یهمنا من هذه الأسرة هو ذِکْر بعض آباء صاحب دائرة المعارف الحسینیة ، فإن مالک بن الحارث الأشتر النخعی ، وهو الجد الأعلى لهذه الأسرة الذی یصل نسبه إلى آدم أبو البشر بـ 34 أباً ، کان من حواریّی الإمام أمیر المؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام القائل فیه " رحم الله مالکاً ، لقد کان لی کما کنت لرسول الله ( صلى الله علیه وآله ) " وعبّر عنه معاویة بن أبی سفیان بعد اغتیاله بالسُّم : کانت لعلی بن أبی طالب یدان یمینان قطعت إحداهما یوم صفین ، وهو عمار بن یاسر ، وقطعت الأخرى الیوم وهو مالک الأشتر ، وأما علی ( علیه السلام ) فقال عند استـشهاده " اللهم إنی أحْـتَـسِـْبه عندک فإن موته من مصائب الدهر ، ثم قال : رحم الله مالکاً ، فقد کان وفى بعهده وقضى نحبه ولقی ربه مع أنّا قد وطّنا أنفسنا أن نصبر على کل مصیبة بعد مصابنا برسول الله ( صلى الله علیه وآله ) فإنها من أعظم المصائب " ، وقال أیضاً عندما ذکّروه بمالک " لله درّک یا مالک ، ومالک لو کان من جبل لکان فندا ، ولو کان من حجر لکان صلدا أما والله لیهدنّ موتک عالما ولیفرحن عالماً على مثل مالک ، فلیبک البواکی ، وهل موجود کمالک ؟ " .
وفضله لم یکن خافـیا على أحد ، وقـبره مزار معروف فی مصر ، یقع فی ضواحی القاهرة .
کان مالک أدیباً شاعراً وخطیباً بلیغاً وفارساً شجاعاً وفقیهاً زاهداً ، شارک مع علیّ ( علیه السلام ) حروبه الثلاثة ، وکان مقداماً ، قتل عام 39 هـ ( 659 م ) ، خلّف مالک من الأبناء : إسحاق ، والذی استـشهد مع الإمام الحسین ( علیه السلام ) بکربلاء عام 61 هـ ( 680 م ) وإبراهیم الذی خرج للأخذ بثأر الإمام الحسین ( علیه السلام ) وقتل بمسکن فی شمال العراق عام 71 هـ ( 690 م ) ، وقبره مزار معروف .

آیة الله العظمى الشیخ محمد جعفر الأشتر بن محمد قاسم الطاهر بن محمد صادق الشریف :
اشتهر بالآخوند ، ثم عُرف بعد وفاته بالآخوند الکرباسی ، لمکان نجله الملقب بالکرباسی .
کانت ولادته عام 1080 هـ ( 1669 م ) فتح عینه فی اصفهان على الأکثر ، ترعرع فی کنف والده العالم الفقیه ونشأ على الفضیلة والورع والکمالات الروحیة ، وأخذ من أعلام اصفهان ، التی کانت عامرة بالعلماء ، حتى تخرّج فیها فقیها أصولیّـاً عارفاً متکلماً ، ویظهر من اللوحة المنصوبة على مقامه فی یزد انه کان جلیل القدر عظیم المنزلة حتى نُعِتَ بأوصاف لا نظیر لها ، ولسعة علمه وُصف بالحَبْر الأعظم والنِحریر المعظّم ، کان الفقهاء یتعاملون مع فتـاویه معاملة النصوص ، وقد استـند السلطان حسین الصفوی على أقواله فیما یرتبط بمسألة الأسرى فی حربه مع الأفغان ، کما أورده صاحب الجواهر فی کتابه .
وکان من أصحاب الکرامات ، وصاحب تـقىً وورع ، ومما عـُرف من مؤلفاتـه کتاب التباشیر .
سکن یزد ، فـقصده أرباب العلم ، وانتهلوا من معینه ، حتى توفاه الله فیها وذلک عام 1150 هـ ( 1737 م ) وقبره مزار معروف .
الفاصلة بین جده محمد صادق الشریف وبین جده الأعلى مالک الأشتر تسعة آباء ، کلهم من العلماء .
ترجمه الأمین فی الأعیان ، والطهرانی فی الذریعة ، وحفیده فی خاندان کرباسی ، إلى غیرها من کتب التراجم .

آیة الله العظمى الشیخ محمد حسن الکرباسی الأشتری ابن محمد جعفر
ولد فی خراسان نحو عام 1115 هـ ( 1703 م ) ونشأ بها على العلم والفضیلة والتـقى والورع ، وأخذ من أعلام هذه المدینة ، ثم سکن بلدة کاخ الهراتیة ، کان یقیم الصلاة بمسجدها الذی کان السبب فی تلـقیبه بالکرباسی وشیّد بها مدرسة علمیة عُرفت باسمه ، واشتغل هناک بتدریس الفقه والأصول وأسس إلى جانب المدرسة مکتبة کانت غنیّة بالکتب والمصادر الرئیسیة ، وأوقف عدداً من العقارات والحوانیت للمدرسة والمکتبة ، عاد إلى المشهد الرضوی ، وهناک اشتـغل أیضاً بالتدریس ، فتخرّج علیه مجموعة من الفقهاء ، وشیّد مدرسة علمیة على مقربة من الحرم الرضوی عُرفت بمدرسة المولى حاج حسن وأوقف لها بعض الموقوفات ، فوفدت إلیها العلماء والفضلاء وأصبحت عامرة بالتدریس والتعلیم ، ثم هاجر إلى یزد حیث مرقد والده فرجع إلیه أهالی یزد ، وأمّ الصلاة بالناس فی جامع ریکی ، وقد ضاق بالمصلین على الرغم من سعته ، فقام بتوسعته واشتـغل بالتدریس أیضاً ، ثم هاجر إلى مدینة اصفهان فاشتغل بالتدریس وإقامة الصلاة وشیّد ثلاث مدارس : الماسیة والمبارکیة ومدرسة شاهزادها ، وأشترى حمام علی الأکبر الواقع فی محلة جامع الحکیم الذی کان یقیم الصلاة بها وأوقـفه على المدارس الثلاثة .
وکان من أصحاب الکرامات وصاحب ورع وزهد ، وعبّر المیرزا القمّی صاحب القوانین عنه فی الحدیث عن نجله الشیخ محمد إبراهیم الذائع الصیت ، حسنة من حسنات الأب ، وقد تخرج من مدارسه ثـلة من الفقهاء والمتکلمین والأصولیین من فطاحل الأمة وأعلامها .
توفی فی اصفهان عام 1190 هـ ( 1776 م ) وقد أوصى إلى أبنائه بأن لا یحیدوا عن لقب الأشتر ، ولکن الریاح تجری بما لا تـشتهی السفن .
آیة الله العظمى الإمام الشیخ محمد إبراهیم الکرباسی ابن محمد حسن :
ولد فی اصفهان عام 1180 هـ ( 1766م ) بعد أن هاجر والده إلیها من خراسان ، وقد توفی والده وهو فی العاشرة ، فتولى أمره الحکیم الإلهی آیة الله الشیخ محمد البیدآبادی ( 1197 هـ ) بوصیة من والده ، أخذ المترجم له من علماء اصفهان ، ثم هاجر إلى کربلاء المقدسة والنجف الأشرف ، فحضر على أعلام الأمة ، کالإمام الوحید البهبهانی ( 1205هـ ) والإمام السید علی الطباطبائی صاحب الریاض ( 1231 هـ ) والإمام کاشف الغطاء ( 1227 هـ ) ثم فی قم على الإمام المحقق القمی ( 1231 هـ ) وعلى غیرهم من أساطین العلم ، وتخرج من مدرسته جمع کبیر من أعلام الأمة ومراجعها ، بلغ عدد من وصلنا خبره 65 فقیهاً ، غیر من روى عنه بالإجازة .
تولى المرجعیة العامة ، وکان له نفوذ لدى السلطات فی إیران ، شیّـد فی إصفهان مدرسة عُرفت بمدرسة الکرباسی ، بلغت مصنفاته فی الفقه والأصول والکلام أربعة عشر مصنفاً بالإضافة إلى رسائله العملیة ، وهی :
1- أجوبة المسائل .
2- الإرشـاد .
3- إشـارات الأصـول .
4- الایقـاضات .
5- تـفطیر شرب التـتن للصیام .
6- تـقـلید المیت ابتـداءً .
7- تـنقیح مسألة الصحیح والأعم .
8- حواشی وتعلیقات .
9- شوارع الهدایة .
10- مناسک الحج .
11- منهاج الهدایة .
12- الـنخبة .
13- نـقد الأصول .
14-هدایة المسترشدین .
ترجمه الکثیر من العلماء والکُـتّاب قلما لا تجد له ذِکْرٌ فی المعاجم ، وکل من ترجمه وصفه بغزارة العلم وشدّة الورع وقـلة النظیر ، کان معظماً لدى کافة الطبقات ، وتجلّه السلطات وتهابه ، مستجاب الدعاء ، له حکایات کثیرة مبثوثـة فی مطاوی المصادر والمراجع .
توفی فی اصفهان عام 1261 هـ ( 1845 م ) فخلف وراءه خمـسة من فطاحل العلم والتـقى .
دفن فی مقبرة خاصة به ، وقبره مزار معروف .
آیة الله الشیخ محمد جعفر الکرباسی ابن محمد إبراهیم
ولد عام 1219 هـ ( 1804م ) فی اصفهان وتوفی فیها عام 1292 هـ ( 1875م ) ، فتح عینیه فی حضن أبیه ذلک العلم العیلم وحوله أخوته الأعلام ، فأخذ من منهل أبیه العذب ونشأ فی بیت امتاز بالعلم والتقى ، وترعرع على أرباب الفضل والفضیلة ، قال عنه الطهرانی : سلک مسلک اخوته الأعلام ، واقتدى بهم فی العلم والفضل والمجد والنبل والتقى والعبادة ، وقال عنه حفیده : کان من کبار علماء عصره ، عُرف بالعلم والزهد والتقى والتواضع وحسن الخلق والعبادة ، وبعد وفاة والده عام 1261 هـ ( 1845م ) استـقل بالدرس والفتیا .
من مؤلفاته : الفقه فی شرح شرائع الإسلام ، وکتاب الدیات ، وکتاب نور العیون فی أحکام الحدود والقصاص وکتاب حیاة المولى الکرباسی والده .
خلف خمسة من الأبناء کلهم من أرباب العلم والفضل ، دفن فی مقبرة أبیه فی إصفهان .
ترجمه کل من البحاثة الطهرانی فی الکرام البررة ، وابن أخیه آیة الله العظمى الشیخ أبو الهدى فی بدر التمام ، وحفیده فی خاندان کرباسی ، إلى غیرها من المصادر .
آیة الله الحجة الشیخ علی الکرباسی ابن محمد جعفر :
کنیته أبو تراب ، ولُـقّب بالمفید ، ولد فی النجف الأشرف عام 1279 هـ ( 1862م ) فی بیت عزّ وفضیلة ، یسوده الولاء والتـقى ، وکان رابع أخوة من خمسة ، ترعرع فی أحضان العلم والعلماء ونشأ بهـا نشأة طیبة وأخذ من فضلاء النجف ، اصطحبه والده معه إلى اصفهان ، وبقی فیها حتى وفاة والده عام 1292 هـ ، وفیها أخذ مبادئ العلوم العربیة والإسلامیة ، حیث عاد إلى مسقط رأسه مع والدته وأخیه الأصغر الشیخ موسى ، فواصل دراسته على علماء النجف الأشرف وأعلامها ، فحضر على زعیم الحرکة العلمیة آیة الله الشیخ حسین الخلیلی ( 1326 هـ ) وزعیم حرکة المشروطة الإمام الشیخ محمد کاظم الآخوند ( 1329 هـ ) فنال درجة علیا من الفقاهة والعلم حتى أجیز بالاجتهاد منهما ، واشتغل بالتدریس هناک فی الفقه والأصول ، وکانت له مؤلفات منها : شرح کفایة أستاذه ، إلا أن معظم مؤلفاته ضاعت أیام الاضطرابات فی النجف وثورتها المشهورة ، حیث کانت له مشارکات جلیلة فیها عام 1332 هـ ( 1914 م ) کما انه کان من أنصار المشروطة التی ظهرت عام 1324 هـ ( 1906م ) عُرف بالزهد والتقى وخدمة الناس والفقراء والمعوزین ، کثیر التواضع ، وقد ائتمنه العلماء والتجار ، وکان دؤوباً على فعل الخیر والانشغال بالعلم حتى ذَکَرَ مترجموه انه لم یترک النجف الأشرف طیلة عمره إلا للسفر إلى الدیار المقدسة .
کانت له مساهمات جادة أیام تمرد أهالی العتـبات المقدسة فی العراق عام 1333 هـ ( 1915 م ) ، وصنّف فی خانة المتجددین حیث دعى مع زمرة من زملائه العلماء إلى الوقوف أمام المدّ الغربی بالإضافة إلى الجهاد والوقوف أمام الغزو الثـقافی البریطانی بفتح المدارس الحدیثة والتی تتناسب وتطور الحیاة بدلا من تحریمها ، وکان یرى بأن الغزو الثـقافی لابد وأن یقابله بالمثل إن لم یکن بالأحسن والأفضل ، وکان یحثّ تلامذته وأبنائه على تعلّم لغة الأجنبی للوقوف على ثـقافتهم وحضارتهم لأجل محاربتهم بأسالیبهم مضافاً إلى أخذ ما صلح منها لتطویر حیاتنا .
توفی أیام الحصار البریطانی عام 1337 هـ ( 1920م ) للنجف الأشرف الذی طالما وقف ضده مجاهداً فی سبیل ربه ووطنه ، وخلف من الأبناء ثلاثة آیة الله الشیخ محمد باقر والأستاذ المحامی علم الهدى ، وآیة الله الحجة الشیخ محمد الآتی ذکره ، ودفن فی مقبرة السلام بالنجف الأشرف .
ترجمه کل من البحاثة الشیخ محسن الطهرانی فی نقباء البشر ، وآیة الله الشیخ محبوبة فی ماضی النجف وحاضرها ، ونجله فی خاندان کلباسی وغیرهم .
آیة الله الحجة الشیخ محمد بن أبی تراب ( علی ) الکرباسی :
ولد آیة الله الحجة الشیخ محمد بن أبی تراب ( علی ) الکرباسی فی مدینة العلم النجف الأشرف فی الثالث من ذی الحجة عام 1324 هـ فی بیت التـقى والفضیلة ونشأ فی جوّ مفعم بالولاء ، و هو ینتمی إلى مالک الأشتر النخعی .
لکن الأوضاع التی عاش فی ظلها لم تکن مریحة أمنیاً ، حیث کان الصراع العثمانی مع الوطنیین على أشدّه ، توفیت والدته وهو فی الخامسة ، وفی الثانیة عشرة ارتحل والده إلى الرفیق الأعلى ، وفی هذه الظروف بدأ بتعلم العلوم العربیة والإسلامیة ، لکن ظـروف الاحتلال والحرب العراقیة البریطانیة التی کانت فی أشدها جعلت الوضع جحیماً لا یطاق ، فبادر أخوه الأکبر آیة الله الشیخ محمد باقر بانتـشاله من هذه الأجواء واختار مدینة اصفهان لیتخذها مقراً له وذلک عام 1338 هـ لیتسنى له إکمال تعلیمه فی العلوم العربیة والإسلامیة ، فأستغل وجوده هناک ، فتعلم بالإضافة إلى ذلک ، الأدب الفارسی ، لکن الحنین شده إلى مسقط رأسه ، فرجع إلیها عام 1344 هـ بعد أن شدّ عظمه واستـقر بنیانه ، فحضر فیها على أعلامها أمثـال البحاثة آیة الله الشیخ محسن الطهرانی المتوفى عام 1389 هـ ، لکنه لم یتمکن من مواصلة البقاء فیها ، حیث أصیب بمرض معوی فنصحه الأطباء بمغادرة النجف الأشرف ، فسکن سامراء المشرفة ، حیث الجو أکثر اعتدالا ، فحلّ فیها عام 1345 هـ ، وحیث أن بعض تلامذة المجدد الشیرازی المتوفى عام 1312 هـ ، کانوا یقیمون هناک ، فقد حلّ بینهم ، ولکنه شعر بأنه لا یستغنی عن مرکز العلم النجف الأشرف ، فعاد إلیها بعد عام من سکناه فی سامراء ، فحضر ثانیة على أعلام النجف الأشرف منهم المرجع الأعلى الإمام السید أبو الحسن الاصفهانی ( 1356 هـ ) ، غیر أن صحته ساءت مرة أخرى ، فنصحه الأطباء ثانیة بمغادرة النجف الأشرف ، وعندها اختار کربلاء المقدسة فحلّ فیها عام 1351 هـ ، حیث کانت الحرکة العلمیة نشیطة ، کان فیها آیات الله العـظام منهم : الشیخ علی الشاهـرودی ( 1351هـ ) والسید أبو القاسم الطباطبائی ( 1362 هـ ) والسید عبد الحسیـن الحجّـة ( 1363 هـ ) والسید محمد هـادی الخراسانـی ( 1368 هـ ) ، فنال قسطاً کبیراً من المعرفة على أیدیهم إلى أن حلّ فیها الإمام السید حسین القمّی عام 1356 هـ ، فلازم درسه حتى وفاته عام 1366 هـ .
وخلال هذه الـفترة کان قد بدأ بتدریس السطوح العلیا ، وواصل التدریس ، وفی أیام الإمام القمّی ، بدأت أواصر العلاقة تتعمّـق بینه وبین السید مهدی الشیرازی ، فکانت تجری بینهما مداولات فقهیة ثـنائیة فی مدرسة بادکوبة ، وبعد وفاة الإمام القمّی لازم بحوث آیة الله العظمى السید مهدی الشیرازی حتى وفاته عام 1381 هـ ، کما لازم بحوث آیة الله العظمى السید محمد هادی المیلانی ( 1395 هـ ) حتى مغادرته کربلاء المقدسة إلى مشهد الإمام الرضا ( علیه السلام ) عام 1371 هـ ، وبوفاة آیة الله السید الشیرازی ، استـقلّ بتدریس الخارج فی الفقه والأصول ، کما ظل یدرس الدروس العلیا ، وامتاز بأنه کان یدرس دروس المقدمات إلى جانب الدروس العلیا ، حسب الفراغ المتوفر لدیه وحاجة الطالب ، إذ انه أوقف جُـلّ وقته لذلک ، وکان یلزم نفسه بالاشتغال فی الجانب العلمی بغضّ النظر عن أی اعتبار ، فتخرج من مدرسته بشکل عام العدید من العلماء والمراجع والفقهاء والمفکرین والخطباء والکتّاب والمؤلفین .
تخرَّج من حوزته العدید من العلماء و الفضلاء ممن هم منتشرون فی أرجاء العالم الاسلامی ، و من أبرز من تتلمذ علیه :
1. آیة الله العظمى السید محمد الشیرازی .
2. آیة الله العظمى الشیخ محمد بهجت الفومنی .
3. آیة الله الشیخ محمد هادی المعرفة .
4. آیة الله السید حسن الشیرازی .
5. آیة الله الشیخ محمد جواد المعرفة .
6. آیة الله السید صادق الشیرازی .
7. آیة الله السید محمد تقی المدرسی .
8. آیة الله الشیخ محمد صادق الکرباسی .
کان على صلة وثیقة بعدد من المراجع وآیات الله العظام ومنهم : السید أبو الحسن الاصفهانی والسید حسین القمّی والسید مهدی الشیرازی والسید عبد الهادی الشیرازی والسید محسن الحکیم والسید هادی المیلانی والسید أبو القاسم الخوئی والسید روح الله الخمینی .
هذا وقد منحه الإمام السید أبو الحسن الاصفهانی شهادة الاجتهاد ، ووقع علیها جُـلّ المراجع الذین توالوا بعده فی النجف وکربلاء ، کما أن له إجازة الروایة من عدد منهم ، بالإضافة إلى البحاثة الشیخ الطهرانی ، له عدد من المؤلفات ، منها :
1- تاریخجـه کربلاء ( مطبوع ) باللغة الفارسیة
2- تعلیقات فی الأصول ( مخطوط ) بالعربیة
3- تعلیقات فی الفقه ( مخطوط ) بالعربیة
4- خاندان کرباسی ( تحت الطبع ) بالفارسیة
5- السعة والرزق ( مطبوع ) بالعربیة و مترجم إلى اللغة ( الفارسیة )
6- سلاطین الشیعة ( مخطوط ) بالفارسیة
7- کتاب فی الأطعمة والأشربة ( مخطوط ) بالعربیة
نشاطاته الاجتماعیة :
1- تولى شؤون الحـوزة العلمیة فی کـربلاء المقدسـة مـنذ عام 1366 هـ وحتى عام 1391 هـ ، حیث کان معتمداً لدى العلماء والمراجع والتجـار الأخیار فی کلا البلدین العراق وإیران ، فکان معتمداً لإدارة الحوزة وفی توزیع الرواتب للعلماء والطلاب والمدارس ، ومدیراً وعضواً للهیئة الامتحانیة العلیا لطلبة العلوم الدینیة ، حیث یصادق على شهاداتهم ، کما یقوم بالتصدیق على الأوراق الرسمیة لطلبة العلوم الدینیة لدى الدوائر الرسمیة .
2- کان عضواً رئیسیاً فی هیئة العلماء التی کانت مؤلَّـفةً من عضویة کل من آیة الله العظمى الإمام السید محمد الشیرازی وآیة الله العظمى الشیخ یوسف البیاری وآیة الله العظمى الشیخ محمد رضا الاصفهانی وآیة الله الشیخ محمد علی سیبویه وآیة الله السید محمد صادق القزوینی وآیة الله الشیخ جعفر الرشتی ، والتی کانت بمثابة الهیئة العلیا فی مدینة کربلاء المقدسة ، لمواجهة القضایا التی تهمّ الإسلام والمسلمین .
3- کان عضواً رئیسیاً فی هیئة الخطباء والعلماء التی کانت تتـشکل من عضویة کل من الإمام السید محمد الشیرازی وآیة الله السید محمد صادق القزوینی وآیة الله الشیخ جعفر الرشتی والعلامة الحجة الخطیب السید مرتضى القزوینی والعلامة الحجة الخطیب السید محمد کاظم القزوینی والعلامة المجاهد الخطیب الشیخ عبد الزهراء الکعبی ، ثم انضمّ إلیهم العلامة المجاهد الخطیب الشیخ حمزة الزبیدی .
4- کان عضواً مؤسساً ورئیسیاً فی مدرسة الإمام الصادق الابتـدائیة والتی تأسست عام ( 1375هـ ) برعایة المرجع الدینی الکبیر آیة الله العظمى السید مهدی الشیرازی ( قدس الله روحه ) کما تمّ تأسیس ثانویة الإمام الصادق عام ( 1383 هـ ) وکانت الهیئة تضم بالإضافة إلى المترجم له ، کلا من :
1- آیة الله العظمى السید محمد الشیرازی
2- آیة الله السید محمد صادق القزوینی
3- آیة الله الشیخ جعفر الرشتی
4- آیة الله السید عبد الرضا الشهرستانی
5- الوجیه الحاج حسن الوکیل
6- الوجیه الحاج عباس الوکیل
7- الوجیه الحاج محمد الصدقی
8- الوجیه الحاج محمود الخرّمشاهی
9- الوجیه الحاج جواد الصائغ
ثم انضمّ إلیهم :
10- العلامة المجاهد الخطیب السید مرتضى القزوینی .
5- کان عمیداً لمدرسة بادکوبة العلمیة التی تخرج منها العدید من العلماء والفقهاء والخطباء والمتکلمین وأرباب الفضیلة والقلم منذ أکثر من ربع قرن .
6- کان إماماً لأکثر من مسجد ، فکان فی المساء یقیم الصلاة فی المسجد الجامع ، مسجد السید علی نقی الطباطبائی ، والذی کان یُعرف بـ ( مسجد العطارین ) ، وفی الظهر یقیم الصلاة بمسجد الإمام موسى بن جعفر ( علیه السلام ) فی وسط سوق الإمام الحسین ( علیه السلام ) ، کما کان یقیم صلاة الصبح فی مسجد الشهید الأول ، فی زقاق أبو دَیّـه ، حیث کان مجاوراً له ، ثم طلب منه إقامتها فی صحن الإمام الحسـین ( علیه السلام ) بعد مغادرة آیة الله العظمى السید محمد الشیرازی للعـراق .
7- أسس مکتبة مدرسة بادکوبة عام 1370 هـ .
8- شیّد الطابق الثـانی من مدرسة بادکـوبة ، کما قام بتعمیـر الطابق الأول والطابـق تحت الأرضی ، وزودها بما یحتـاجه طـلاب العلـوم الدینـیة ، وذلک ما بـین عام 1378 – 1385 هـ .
9- أعاد بناء مسجد الشهید الأول السالف الذِکر وذلک عام 1383 هـ .
10- ساهم فی إعادة بناء مسجد السید علی نقی الطباطبائی وذلک عام 1382 هـ .
11- شارک مع زملائه فی کثیر من قضایا الأمة ، منذ قیام العهد الجمهوری وحتى مغادرته کربلاء نتیجة الظروف الأمنیة الصعبة التی کانت تمرّ بها هذه المدینة المقدسة .
حلّ فی طهران عام 1391 هـ وأمضى هناک حوالی السنة ، منتظراً العودة إلى بلاده ، ولکن دون جدوى ، فانتقل منها إلى مدینة قم المقدسة ، والأمل لا یفارقه فی العودة إلى وطنه إلا أن المنیة کانت أقوى من الإرادة ، إنها مشیئة الله التی لا راد لها ، فکانت وفاته فیها فی التاسع من جمادى الثانیة عام 1399 هـ .
ترجمه کل من البحاثة آیة الله الشیخ محسن الطهرانی فی نقباء البشر والذریعة ، وآیة الله الشیخ باقر محبوبة فی کتابه ماضی النجف وحاضرها ، وآیة الله الشیخ محمد حسین الأعلمی فی دائرة المعارف الشیعیة العامة ، والبحاثة الأدیب السید سلمان هادی آل طعمه فی عشائر کربلاء وأسرها ومعجم رجال الفکر والأدب فی کربلاء ، و مجلة الموسم و مجلة المرشد ، و مستدرک أعیان الشیعة للبحاثة حسن الأمین ، و أضواء على النهضة الحسینیة للأدیب نور الدین الشاهرودی ، وغیرهم .
وفی نهایة المطاف فقد وصفوه بأنه کان عالما فقیها ، ورعاً تـقیّـاً ، وعفیفاً کریماُ ، ومتواضعاً خلوقاً ، کان یکثر من صلة الرحم ، ولا یتحدث إلا إذا کُلِّم ، له ذِکرٌ طیّب بین من عرفوه فی حیاته وبعد مماته ، فلم یسمع فی حقه ذمّ من عدو وصدیق .
و لقد توفی رحمه الله فی مدینة قم المقدسة فی التاسع من شهر جمادى الثانیة عام 1399 هـ و دفن بها ، و قد أبَّنه عدد من الأدباء و الشعراء منهم الأدیب الشاعر السید سلمان هادی طعمة ، و سماحة العلامة الأدیب الشیخ سلطان علی الصابری .
أنجب من الأولاد سبعاً ، خمس إناث وذکرین ، الأکبر هو صاحب الموسوعة الحسینیّة الآتی ذکره ، والأصغر هو العلامة الخطیب الشیخ صالح الکرباسی المولود عام 1376 هـ ، درس فی کربلاء وطهران وقم ، وهو من أئمة الجماعة وخطباء المنبر الحسینی المتکلمین بالعربیة والفارسیة ، ومن العاملین فی سبیل الله ، حیث یقوم أیضا بالإجابة على أسئلة الشباب عبر شبکة الاتصالات الآلیة ( الانترنیت ) تحت عنوان " مرکز الإشعاع الإسلامی للدراسات والبحوث الإسلامی " وهو فی الحقیقة امتداد لما قام به مع مجموعة من رفاقه أیام إقامته فی قم المقدسة ، وذلک أواخر القرن الرابع عشر الهجری ، حیث کانوا یجیبون على کافة الأسئلة التی تصلهم عبر البرید ، یقیم الآن فی دبی کعالم دین ومرشد ومبلغ إسلامی ، له بعض المقالات والتحقیقات والأبحاث والمؤلفات ، ترجمه کل من العلامة الخطیب السید داخل السید حسن فی معجم الخطباء والبحاثة الأدیب السید سلمان هادى آل طعمه فی معجم خطباء کربلاء وفی عشائر کربلاء وأسرها ، و مجلة الموسم الدمشقیة ، و کتاب أضواء على النهضة الحسینیة .
ومن أصهاره العلامة الخطیب الشیخ سلطان علی الصابری المولود عام 1357 هـ ، درس فی کربلاء وقم وتخرج من حوزتها عالما فاضلا وأدیبا شاعرا ، ینظم بالعربیة والفارسیة ، بالإضافة إلى کونه خطیبا مرشدا ، سکن الکویت وإیران ، یقیم الآن فی الشام ، له عدد من المؤلفات غلب علیها الشعر والأدب ، طبع بعضها ، ترجمه البحاثة الأدیب السید سلمان هادی آل طعمه فی معجم خطباء کربلاء ، وغیره .
من مؤلفاته :
1. بهائیت حزب است ( فارسی ) .
2. التخامیس و المشطرات ( عربی ) .
3. الشباب و المشیب ( عربی ) .
4. شرح العوامل فی النحو ( عربی ) .
5. المقتبسات القرآنیة ( عربی ) .
6. المسک الأذفر ( عربی ) .
7. سرودهای مذهبی ( فارسی ) .
8. شرح قصیدة الفرزدق و تخامیسها ( عربی ) .
9. الموشحات الدینیة ( عربی ) .
10. مقصوره صابر شوشتری ( فارسی ) .
11. ارکان البلاد وساسة العباد ( عربی ) .
12. تواشیح العشاق ( عربی ) .
13. تواشیح دلباختکَان ( فارسی ) .
14. منظومه حدیث کسا ( فارسی ) .
15. منظومة حدیث الکساء ( عربی ) .
16. منظومه حدیث کسا ( لری ) .
17. تواشیح المحبین ( عربی فارسی ) .
18. رباعیات صابر شوشتری ( فارسی ) .
19. مقتل الحسین ( عربی ) .
20. آشنائی با دائرة المعارف الحسینیة ( فارسی ) .
21. تواشیح المهتدین ( عربی ) .
22. منظومه حدیث کسا ( بالشوشتری ) .
23. فصوص الیواقیت ( عربی ) .
24. مطالب جالب ( فارسی ) .
25. دیوان التستری ( عربی ) .
26. کلیات صابر شوشتری ( فارسی ) .
27. منظومة اللمعة ( عربی ) .
28. کَرکَ و روباه ( فارسی ) .
29. الألفین فی دائرة معارف الحسین ( عربی ) .
30. الورق الأخضر ( عربی ) .
31. العشریة فی العترة النبویة ( عربی ) .
32. مجالس المواعظ ( عربی ) .
33. صفة الجنة و النار ( عربی ) .
34. شرح الخطبة الشقشقیة ( عربی ) .
35. تراجم المخمسین ( عربی ) .
ترجمة البحاثة آیة الله الشیخ محمد صادق بن محمد الکرباسی :
کانت ولادته بجوار مرقد أبی عبد الله الحسین ( علیه السلام ) فی کربلاء المقدسة ، فی الخامس من شهر ذی الحجة الحرام عام 1366 هـ ( 20/10/1947 م ) فی بیت العلم والتـقى ، وقد أرّخ ولادته عدد من الشعراء باللغة العربیة والفارسیة ، نورد بعضاً من التی باللغة العربیة :
خُـذ من التاریخ ما لـذّ وطابا حول أهل العـلم شیـباً وشبابا
حیث من أفـذاذه الشیخ محمد عاش فی الطف فقیهاً مستطابا
قال ربی هب لنا منک غلامـاً زاکیاً کی یرث العلم لبابــا
فاستجاب الله دعواه فـأرِّخ : ولـد الصادق مرضیّاً مهابـا
. ، . ، . ، . ، . ، . ، . ، 1366 هـ
ومنها :
ألا یا من بدى بأغـرِّ وجـهٍ وقد أضحى لصادقهم سَمِـیّـا
هززنا نخل جودک کی یساقط لکل هـزّة رُطـباً جـنـیّـا
. ، . ، . ، . ، . ، . ، . ، 1366 هـ
ومنها :
یا کربلاءُ أرّخی : الکرباسی فی الطفّ راق مسقطاً للراسِ
. ، . ، . ، . ، . ، . ، . ، 1366 هـ
ومنها :
بفـؤادی تـاریخ : محـلٍّ للشیخ محمـد الصـــادق
. ، . ، . ، . ، . ، . ، . ، 1366 هـ
نشأ وترعرع منذ نعومة أظفاره على مقربة من منهل العلم والفضیلة وبین الأدباء والعلماء وبعد أن أکمل الدراسة الحدیثة التحق بالحوزة العلمیة ، ولما أخذ شطراً وافراً من العلم ارتدى زیّ العلماء عام 1381 هـ ( 1961 م ) ، فـأرخ ذلک عدد من الشعراء ، ومن ذلک قول بعضهم :
راس بتاج الدین حقاً أرِّخو : عمامة تـبقى بعقـد الناس
.. ، . ، . ، . ، . ، . ، . 1381 هـ
وقال آخر :
واستقى من منبع العلم زلالا فیه حبٌُ الآل ممزوجاً مذابا
ثم لما بلغ الرشد تصــدّى فی رواق العلم درساً وکتابا
فتسامى نحو ما یصبو فأرِّخ : وبتاج العلم قد نال خطابـا
.. ، . ، . ، . ، . ، . ، . ، 1381 هـ
وظل یمارس التعلیم ویجدّ ویجتهد حتى تخرّج من جامعة کربلاء المقدسة ، ذات القاعدة العریقة فی العلم، حیث تلمذ على أعلامها ، أمثال : آیة الله الشیخ جعفر الرشتی ( 1397 هـ ) وآیة الله الحجة الشیخ محمد الشاهرودی ( 1409 هـ ) وآیة الله الحجة الشیخ محمد الکرباسی – والده – ( 1399 هـ ) وآیة الله العظمى الشیخ یوسف البیاری ( 1398 هـ ) وآیة الله العظمى الشیخ محمد رضا الاصفهانی ( 1393 هـ ) وآیة الله العظمى الإمام السید محمد الشیرازی حفظه الله ، کما وتردد على الجامعة الکبرى فی النجف الأشرف ، فحضر لفترة قصیرة على المرجع الأعلى الإمام السید أبو القاسم الخوئی ( 1413 هـ ) وقائد الثورة الإسلامیة الإمام الخمینی ( 1409 هـ ) .
مارس خلال تلک الفترة التدریس والتألیف وإدارة بعض الجوانب الاجتماعیة والدینیة ، وکان ینوب عن والده فی إقامة الصلاة والتدریس وأداء مهام الحوزة العلمیة ، وکانت له مواقف جلیلة فی ظل رعایة والده ، وقد تخرّج على یدیه عدد من العلماء والفضلاء فیهم المدرس والکاتب والخطیب والداعیة .
هذا وقد شارک فی العدید من الأعمال الثـقافیة والسیاسیة والاجتماعیة ، إلى أن ترک العراق بسبب ظروف أمنیة صعبة ومعروفة وذلک عام 1391 هـ ( 1971 م ) ، هذا وقد تمّ عقد قرانه فی ظروف قاهرة وذلک عام 1389 هـ ( 1970 م ) ، کما أرّخ بعض الشعراء هذه المناسبة بقوله :
عمّت الفرحة فی حفل بهیج وندیـم الحُبِّ یسـقـینا شرابا
انشد البلبل أبیات التهانـی بلـقاء الـورد إذ غنّى وصابا
ملأ الأجواء عطراً وعبیراً ویشعّ الوجـه أضواءً وشعابا
ألـفا کالبدر حفّـته نجوم أو کـدُرٍ ناصع یجلی الضبابا
إذ تجلّى فی قِران العقد أرِّخ : ثم فی تزویجـه یـبدو شبابا
. ، . ، . ، . ، . ، . ، . ، . 1389 هـ
وقال آخر :
ناسٌ یزفّون ابنهم مؤرخاً : ناجیتُ شَمع العِرسِ بـین الآسِ
. ، . ، . ، . ، . ، . ، . ، . ، 1389 هـ
حلّ فی طهران کمرحلة أولى وفیها حضر دروس آیة الله العظمى السید أحمد الخونساری ( 1405 هـ ) وآیة الله العظمى السید أبو الحسن الرفیعی ( 1396 هـ ) وآیة الله المعظم الشیخ باقر الآشتیانی ( 1404 هـ ) لمدة ستة أشهر ، ثم رحل إلى قم المقدسة ، بلد العلم ومقر المرجعیة العلیا ، فحضر دروس آیة الله العظمى السید محمد کاظم الشریعتمداری ( 1406 هـ ) وآیة الله العظمى السید محمد رضا الکلبایکانی ( 1414 هـ ) وآیة الله المعظم الشیخ محمد حسین الکرباسی ( 1419 هـ ) وآیة الله المعظم الشیخ کاظم الشیرازی وآیة الله المعظم الشیخ هاشم الآملی ( 1413 هـ ) وآیة الله المعظم الشیخ مرتضى الحائری ( 1406 هـ ) ، هذا وقد بلغ مجموع من أخذ منهم من البدایة حتى النهایة فی العلوم الحدیثـة والعامة 25 وفی العلوم الإسلامیة 39 شخصیة .
غادر إیران عام 1393 هـ ( 1973م ) لظروف أمنیة قادتـه إلى بیروت ، بطلب من آیة الله الشهید السید حسن الشیرازی ( 1400 هـ ) وفیها عـُرض علیه التعاون فی العدید من المجلات ، وبالفعل فقد تم التعاون معه على أصعدة مختـلفة ، هذا وکانت تربطه بالسید الشهید أکثر من علاقة البلد الواحد والعلاقات العائلیة وعلاقة التـلمّذ ، حیث أخذ الأدب منه ، وعلاقة الصداقة الحمیمة ، ومن هناک بدأ نشاطه العلمی والثـقافی والاجتماعی والسیاسی ثانیة ، ویُعدّ المؤلف من المخضرمین فی الدراسة الحدیثة والقدیمة من جهة ، والتحاقه بأربع جوامع علمیة من جهة أخرى ، وقد زُوِّدَ بعدد من الإجازات والشهادات من أساتذته ، وکان بعد استـشهاد الإمام الشیرازی ، یتردد بین دمشق وبیروت للإشراف على مشاریعه المختـلفة .
لم یتمکن من مواصلة أعماله المتـنوعة فی ظل الظروف الأمنیة التی مرّ بها لبنان ، والتی لحقه منها الکثیر ، فغادرها لیحطّ رحله فی لندن وذلک عام 1406 هـ ( 1986م ) مع حرمه ونجله وکریمته ، والذین لهم بعض المؤلفات ، وقد طُبع بعضها .
بدأ بالتألیف منذ أیام تواجده فی العراق ، فکتب فی العلوم العربیة والشریعة وبعض الفنون وقد تجاوزت المئة مؤلف ، طبع نحو أربعین منها بأسماء مستعارة ، بالإضافة إلى الکتب التالیة :
1- إحیاء المیت بفضائل أهل البیت ( تحقیق )
2- الأشتـر النخعی
3- أطلس لبنان الحدیث
4- أعمال حج ( فارسی )
5- أعمال شهر رمضان المبارک ( مطبوع )
6- الأوائـل
7- الأوزان الشعریة
8- الأوزان الصرفیة ( مطبوع )
9- الأوزان والمقادیر
10- الاجتهاد والتـقلید
11- البدائع واللطائف
12- ترتیب مجمع البحرین
13- ترتیب معجم غریب القرآن
14- تشریح عظام الرأس
15- التـفسیر المسترسل
16- التـفسیر الموضوعی ج 1
17- الثغور الباسمة فی فضائل فاطمة ( تحقیق )
18- الجـبر
19- الحج ( مطبوع )
20- الحُـرّ العاملی
21- الحـواشی
22- حیاة الحسین ومقتـله
23- حیـاتی
24- دائرة المعارف الحسینیة ( طبع منها خمسة عشر جزءً )
25- دول العالم فی صفحات
26- دیوان أبی تراب ( جمع وتحقیق )
27- الزکـاة
28- زلـّة الأقلام ( شعر )
29- شرح الأجرومیة
30- شرح أحادیث المغنی
31- شرح أمثال المغنی
32- شرح تـشریح الأفلاک
33- شرح خلاصة الحساب
34- شرح الصمدیة
35- شرح العوامل
36- شرح المنطق الواضح
37- شواهد آیات المغنی
38- شواهد أشعار المغنی
39- الصلاة ( مطبوع )
40- الصوم ( مطبوع )
41- الصوم ومبطلاته ( فقه استدلالی )
42- فضائل أمیر المؤمنین
43- قصة یوسف
44- کلمات الرسول
45- الکُـلینی ( سیرة )
46- المتاجِـر ( فقه استدلالی )
47- المرأة والدماء الثلاثة
48- معجم ألفاظ القرآن ومعانیها
49- معجم اللغة ج 1
50- المقالات
51- ممسکات الدفتر
52- المنطق الواضح ( ترجمة )
53- النـکاح ( فقه استدلالی )
54- النوادر والطرائف
55- النّـوری ( سیرة )
56- وسائل الشیعة ومستدرکاتها ج1 وعلیه تعالیق
إلى غیرها من المؤلفات .
له عدد من الأبحاث والمقالات التی نشرت بأسماء مستعارة فی الصحف الصادرة فی لبنان والمملکة المتحدة ، کما حقق عدد من الکتب .
أسس عدداً من المشاریع الثـقافیة فی کل من العراق وإیران وسوریا ولبنان والمملکة المتحدة وقبرص ، بالإضافة إلى عدد من المؤسسات الاجتماعیة والدینیة ، إلى جانب نشاطات سیاسیة مختـلفة ، فمنها مؤسسات للطباعة وأخرى للتحقیق والتألیف ، کما ساهم فی تـشیید بعض الحسینیات والمساجد والمکتبات وغیرها ، وقد بلغت مؤسساته التی باشر بإنشائها أو شارک فی تأسیسها نحو أربعین مؤسسة .
له مشارکات فی عدد من القضایا الفکریة والاجتماعیة على الساحة الإسلامیة ، وله مشارکات سیاسیة فی سبیل تحقیق العدل والرفاهیة للشعب العراقی .
شارک آیة الله الشهید السید حسن الشیرازی فی تأسیس الحوزة العلمیة الزینبیة عام 1395 هـ ( 1975 م ) وتولى عمادتها بعد استـشهاد آیة الله الشیرازی ، ووضع أسسها القانونیة والعلمیة وشیّد عدداً من المبانی لسکن الطلاب وللدراسة ، کما شیّد مجمعاً فی حی السیدة زینب ( علیه السلام ) یحتوی على حسینیة للرجال وللنساء ومکتبة عامة مع بعض المؤسسات الأخرى .
تعرّض لمحاولات اغتیال عدیدة فی أکثر من دولة .
وردت ترجمته فی عدد من المعاجم والکتب المطبوعة ، منها دائرة المعارف الشیعیة العامة للأعلمی ، کما ورد ذِکره ضمن ترجمة والده فی ماضی النجف وحاضرها لمحبوبة ، وفی معجم رجال الفکر والأدب لطعمه ، وفی المنتخب من أعلام الفکر والأدب للفتلاوی ، وفی عشائر کربلاء وأُسرها لطعمه و دائرة معارف تشیع ، و کتاب أضواء على النهضة الحسینیة ، السائرون على درب الحسین للشاهرودی ، و مجلة الموسم الهولندیة ، و مجلة المرشد السوریة ، و مجلة المنبر الحسینی الدمشقیة ، إلى غیرها إلى غیرها من المجلات والکتب .
رغم أن الإنسان لا یمکن أن یعتمد على أصوله وجذوره فی مسألة الفکر والعقیدة وفی مسألة العلم والاجتهاد إلا أن للبیئة والمناخ العلمی والفکری کما للتربیة والجذور تأثیر فی صیاغة الإنسان ، بل هناک أمور وراثیة یتوارثها الإنسان من آبائه وأجداده وأمهاته وجداته ، ولذلک نجد أن الشریعة الإسلامیة تحث المسلمین على هذا الأمر لدى اختیار القرین فی الزواج ، فکما أن الأمور المادیة ، کالکرم والشجاعة تتوارث فکذلک الأمور المعنویة کالفطانة والذکاء تتوارث ، والأحادیث فی هذه الموارد والتاریخ یشهدان بذلک ، ولا حاجة إلى ضرب الأمثال والاستـشهاد لذلک بعد أن أصبحت هذه الأمور حقیقة لا ینکرها العلم ولا الدین ، ومن دواعی الفخر أن تکون الشخصیة التی نرید البحث عنها أنه من أولئک الذین لم ینقطع عن أسرته العلم والمعرفة ، فقد انحدر من سلالة کلها علماء أتقیاء وأصحاب جاه ومکانة اجتماعیة ، ولهم سبق الشرف إلى المکارم ، منذ جدهم الأعلى بطل الإسلام الخالد مالک الأشتر وحتى یومنا هذا ، فإذا ما عرّفنا شخصیة المؤلف فإنما هو من باب التذکر ، وإلا فان إنجازه العظیم یدل على عظمة شخصیته ، وأما عن أسرته الشریفة فقد أغنـتـنا کتب التراجم والمعاجم عن معرفتـنا لأعلام هذه الأسرة ، ولا یمکن الاکتـفاء عنها بهذا الموجز ، وهی فی الحقیقة شجرة مبارکة غرست بماء الولاء وانتهلت نسوغ المعرفة من أصولها وأثمرت الأطائب وأنجبت الأعلام ، أحدهم تلو الآخر ، وهکذا تکونت هذه الأسرة .



إیران – قـزوین
عبد الحسین الصالحی