دعم الموسوعة:
Menu

ديوان القرن الثالث العشر الجزء الأول:

البحور الخلیلیة تخترق ودیان الصراعات الاقلیمیة

 

تسالم الأدباء والساسة ممن یقدِّر مکانة الأدیب ودوره فی المجتمع، على أن الکلمة سلاح فعّال فی ساحة المواجهة الثقافیة منها والعسکریة، ولا تخلو معرکة عسکریة من قاعدة فکریة وثقافیة وأدبیة إلیها یستند المحارب، فالقوة البدنیة التی کانت علیها البشریة فی بادئ نشأتها تطورت إلى مهارة فی المعدات العسکریة ومهارة فی الخطط العسکریة وتطور فی الأسلحة حتى صرنا فی القرن العشرین والقرن الواحد والعشرین نعیش عصر الرعب النووی حیث الأسلحة النوویة وهی مبلغ ما وصلت إلیه العقلیة العسکریة حتى الیوم، ولا نعلم ما یخفیه المستقبل، ولکن مع کل هذا التطور والطفرات الجنونیة فی التسلیح العسکری، فإن الکلمة تظل هی السلاح الناجز على طول الخط وإن کانت هی الأخرى لحقها ما لحق الماکنة العسکریة من تطور وتجدد، غیر أن البارز من کل هذه الحراک على صعید الکلمة، عمودیا وأفقیا، أن حقل الشعر لازال یحتفظ برونقه وتأثیره الفاعل على النفوس وفی تجییش العساکر وتحشید الأمة خلف القائد السیاسی والعسکری، على أن سلاح الشعر خضع هو الآخر فی استخداماته إلى التطور، فصار الشعر یلقى فی المحافل مجرداً أو مزوقاً فی أغنیة أو أنشودة وطنیة أو حربیة، وقد صار من التصاق کلمات الشاعر بالأغنیة أن تنسب القصیدة المغناة إلى المغنی أو المغنیة دون الشاعر، فیقال قصیدة المغنی فلان أو المغنیة علاّنة مع أنها لشعراء معاصرین أو سابقین.

ومن المفارقات الفکهة أن الکلمة المقفاة أو المنثورة خضعت هی الأخرى لحسابات الحرب والسلم، فتزهو فی فترة وتخبو فی فترة أخرى، ویکثر النظم فی عصر وتحت سلطة معینة ویقل تحت سلطة أخرى، ولکن من الواضح من خلال معاینة مؤشر النظم خلال القرون المتمادیة أن الشاعر هو الآخر یخضع لنظام التوازن العسکری أو توازن القوى بین معسکرین متصارعین أو سلطتین متنافستین، وهذا ما نلاحظه بشکل جلی فی النظم الخاص بالنهضة الحسینیة لما تمثله الحرکة الحسینیة فی مسار التاریخ الإسلامی والإنسانی من قبّان فی میزان الصراع بین عصائب الحق وأحزاب الباطل، وهذا التوازن یعد عاملا مساعدا على التحشید الفکری والثقافی والأدبی، وبخاصة لدى الأدیب الشاعر الذی یرى فی أجواء توازن القوى بین جبهتین أو حکومتین فرصة طیبة تنفتح فیه قریحته على نظم ما یرید وما یرغب فیه، بل وقد یصبح فی مثل هذه الأجواء جزءاً من الماکنة العسکریة عبر سلاح القلم والقافیة فیشخذ شاعریته ویرکب أمواج البحور بسفینة القوافی دون خوف أو وجل، من هنا یعد الکم المنتج من الأدب نثراً أو نظماً ونوعیته مؤشرا یساعد الباحثین على فهم الفترة التی عاشها الأدیب والتأثیر الذی ترکته التحولات السیاسیة على یراع الناثر وقریحة الناظم.

والقرن الثالث عشر الهجری الواقع فی الفترة (1786- 1883م) أنتج أدبا غزیرا فی شقیه النثری والشعری، مثَّلَ فی أحد أوجهه توازن القوى بین دولتین متنافستین حکمتا شرق العالم الإسلامی وغربه، فمن جانب الشرق الدولة القاجاریة وفی الغرب الدولة العثمانیة، وفی ظل هذا التوازن العسکری والسیاسی نما الشعر الحسینی بنسخته العربیة بشکل کبیر على مساحات جغرافیة واسعة.

هذا الموقف الأدبی الذی عاشه الأدیب فی القرن الثالث عشر الهجری یطلعنا علیه الأدیب الدکتور محمد صادق الکرباسی فی الجزء الأول من "دیوان القرن الثالث عشر" الذی صدر مطلع العام 2011م عن المرکز الحسینی للدراسات بلندن فی 514 صفحة من القطع الوزیری وهو یقود مرکب التحلیل والنقد للقصائد الحسینیة فی هذه الفترة.

فأل الأرقام!

یمتلک التراث الشعبی لکل مجتمع بخزین من التقالید والأعراف یؤمن بها البعض ویرفضها البعض الآخر، وهی فی مجموعها لا تعدو أن تکون موروثات اصطبغت مع مرور الزمن وتعاقب الأجیال بصبغة القدسیة حتى أصبحت تقلیدا أو ربما عقیدة، ولذلک نجد بعض المجتمعات التی تدخل فی دین جدید تخلط تقالیدها مع تعالیم الدین کمظهر من مظاهر تقدیس الموروث وإن کان مخالفا مع العقیدة الجدیدة أو لا یتناسب مع الفهم البشری لمفردات الحیاة الیومیة.

ومن الموروثات الشعبیة "الفأل والتشاؤم بالأرقام"، فتشعر بعض المجتمعات بالإرتیاح من رقم معین وتتشاءم من آخر، ولعلَّ هناک شبه إجماع على أن الرقم (13) هو من أسوأ طوالع الأرقام، تتحاشاه المجتمعات المتمسکة بالموروث الشعبی وتقفز علیه بشتى الطرق إن وقعت فی شباکه.

وربما یتساءل المرء: ما علاقة القراءة التی نجریها على کتاب الجزء الأول من دیوان القرن الثالث عشر الهجری بالرقم 13؟

والتساؤل تنقشع سحبه إذا ما عرفنا أن المؤلف الدکتور الکرباسی استهل تقدیمه لهذا الدیوان بمقدمة وافیة عن ظروف هذا القرن وعلاقتها بالإنتاج الشعری العمودی الخاص بالنهضة الحسینیة، ممهدا لذلک بقراءة رقمیة للموروث الشعبی حول الرقم (13) المتماثل مع القرن الثالث عشر الهجری، لأن التشاؤم بالرقم (13) یأخذ مدیات أوسع تصل إلى التشاؤم على مستوى الزمان والعصر بحساب السنین والقرون، وهو فی قراءته یلفتنا إلى بعض العادات والتقالید التی تحط من هذا الرقم المسخوط علیه فی الذهنیة الشعبیة، ولا علاقة لهذا الموروث بالتقدم العلمی لأن الموروث یظل موروثا وإن بلغت المجتمعات شأواً کبیراً فی عالم المعرفة، فعلى سبیل المثال:

- الطابق 13 فی أی عمارة سکنیة یکون سعره بیعاً أو تأجیراً أرخص من غیره عند الغرب.

- لا یجلس البعض فی الغرب على مائدة طعام تحمل رقم (13).

- یتحایل البعض على الرقم (13) بکتابته على النحو التالی: 12+1.

- فی الموروث الفارسی فإن المنجمین یعتبرون اقتران یوم 13 فروردین مع 13 من الشهر العربی هو یوم نحس لاقتران الشمس والقمر ویعتقدون أن العمل یجب أن یتوقف فی هذا الیوم.

وهناک أمثال کثیرة لدى جمیع الشعوب القدیمة منها والتی تعیش بین ظهرانینا بما یخص الرقم (13) أو بعض الأیام، ولکن مجمل القول أن التشاؤم من رقم أو یوم یعود فی منشئه إلى حادثة، کتشاؤم البعض من یوم الأربعاء لأنَّ الله أخذ قبیلة عاد فی یوم نحس مستمر هو یوم الأربعاء کما یقول تعالى: (کَذَّبَتْ عَادٌ فَکَیْفَ کَانَ عَذَابِی وَنُذُرِ. إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَیْهِمْ رِیحاً صَرْصَراً فِی یَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ. تَنزِعُ النَّاسَ کَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ. فَکَیْفَ کَانَ عَذَابِی وَنُذُرِ) (القمر: 18-21)، وهو صحیح من حیث الحدوث کما روی عن الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع) (مجمع البیان: 9/190)، ولکن لا یعنی هذا مطلق یوم الأربعاء فهو یوم منحصر بقوم أو مجتمع وإلا فإن على الحیاة أن تتوقف کلیا لأننا لو قسّمنا حوادث الأیام والدهور النحسة التی مرت على البشریة على أیام الأسبوع والشهر والسنة لحق لنا أن نعیش خارج مدار الزمن وأن تتعطل ماکنة الحیاة، ولکن الأمر لیس کذلک وکما یقول الفقیه الکرباسی: (إن النحوسة والشؤم لیسا أمرین متعلقین بالأوقات والأیام من جهة، ولا بالأرقام من جهة أخرى، وإنما یتعلقان بالأفعال، فما النحوسة إلا من عمل الفرد نفسه أو من یرتبط به)، کما أن تقسیم الأیام وأعمالها ومستحباتها ومکروهاتها إنما هی من باب تنظیم عمل المرء حسب الأوقات، ولا یعنی ذلک عدم وجود النحس لأن حیاة الإنسان تدور بین قطبی الخیر والشر وخاضعة لطاعة الرحمن أو طاعة الشیطان، فالخیر من عمل الإنسان والشر من عمله أیضا، فکلٌ وما جنت یداه، نعم هناک ما یساعد على دفع الأوقات النحسة مثل التصدق وصلة الرحم واحترام الکبیر والعطف على الصغیر وتلقی الناس بصدر رحب ووجه بشوش وکلمة طیِّبة، وقد ورد عن الرسول الأعظم محمد(ص): (منْ سرَّه أن یدفع الله عنه نحس یومه فلیفتح یومه بصدقة یذهب الله بها عنه نحس یومه، ومن أحبَّ أن یذهب الله عنه نحس لیلته فلیفتح لیلته بصدقة یدفع الله عنه نحس لیلته) (بحار الأنوار: 47/52).

وخلاصة المقال فی هذا المقام کما یؤکد المؤلف، أنَّ: (ما ورد فی بعض الروایات فی نحوسة الأیام والساعات والأرقام وإعطاء الرسول(ص) وآله بعض الحلول، فإما أن بعض هذه الروایات ضعیفة السند، أو مربکة النصوص، أو أن بعضها جاء لتنظیم حیاة الإنسان)، کما أن الرقم (13) بحد ذاته یحمل ذکریات عطرة، ففیه من شهر رجب ولادة الإمام علی بن أبی طالب(ع) فی بطن الکعبة، وفی عام 13 من البعثة کانت هجرة الرسول(ص) إلى المدینة التی شکَّلت منعطفا فی حیاة البشریة، والقائمة تطول.

قرن العطاء والإنتشار

وفی قراءة متأنیة لواقع الأدب الحسینی المنظوم الذی توزع على سنی القرن الثالث عشر الهجری، نکتشف مع المحقق الکرباسی أن هذا القرن یحمل البصمات التالیة:

أولا: الکم الهائل من القصائد والمقطوعات وبالقوافی کافَّة.

ثانیا: على غیر العادة فإن قافیة الراء صارت هی مطیة الشعراء کبدیل عن قافیة الدال، وتأتی بعدها بالتتابع قوافی اللام والمیم والنون والباء، مع دور ضئیل لقوافی الظاء والشین والغین التی تعتبر من القوافی العصیة والتی غالبا ما یهملها الشعراء.

ثالثا: فی المقابل فإن الشعراء لم یرکبوا أمواج البحور الخلیلیة کلها حیث اقتصر الأمر على البحور المتداولة کالطویل والکامل والبسیط والوافر والرمل والخفیف والسریع والرجز والمتقارب.

رابعا: تعد قصائد القرن 13 من الطوال حیث بلغ بعضها أکثر من 150 بیتاً، وتوزعت فی أغراضها بشکل عام على الرثاء ثم المدیح ثم الولاء ، وحسب رأی الشیخ الکرباسی: (القصائد والمقطوعات بشکل عام جاءت محبوکة أکثر من قبلها مما یعنی أن الشعراء استرجعوا عافیتهم وأعادوا إلى الشعر قواعده وأصوله).

خامسا: وفی الوقت الذی بلغ عدد القصائد نحو ستمائة قصیدة ومقطوعة ارتفع بالمقابل أعداد الشعراء لیصل إلى نحو 150 شاعرا توزعوا على العراق والبحرین والحجاز ولبنان وإیران، وفی العراق توزعوا على النجف الأشرف وبغداد وکربلاء المقدسة، وللبنان خصوصیة کما یراها الدکتور الکرباسی: (ففی لبنان یشیر البنان إلى جبل عامل جنوب لبنان، والعاملیون وإن هجروا جنوبهم إلا أنهم لم یهجروا ولاءهم فأینما کانوا نظم شعراؤهم فی أهل البیت(ع) وبخاصة الإمام الحسین علیه السلام)، وبالمجمل فلا غرابة أن یضم هذا القرن نحو عشرة أجزاء من دائرة المعارف أی بأکثر من ثلاثة أضعاف عن دیوان القرن الثانی عشر الهجری الذی بلغ ثلاثة أجزاء.

وهذه القفزة الملحوظة فی عدد القصائد والشعراء لها عواملها، ولعلَّ من أهمها:

أ‌- زیادة عدد نفوس البشریة قرناً بعد آخر.

ب‌- إنطلاق الأدب الحسینی بشطریه المنثور والمنظوم منذ القرن الثانی عشر الهجری، مع سعی مشهود لتوثیقه واستنساخه وخروجه من إطاره المحلی وانفتاحه على البلدان والشعوب الأخرى، مما أخرجه من حافظة الصدور الخاضعة لمد وجزر الذاکرة والنسیان إلى حافظة الکتب مع تطور أنماط الإستنساخ والطباعة.

ت‌- وساهم الاستقرار الأمنی بشکل عام فی نمو الأدب وازدهاره، وبخاصة أن المنطقة الإسلامیة بجانبیها الشیعی والسنی عاشت توازنا فی القوى بین السلطتین القاجاریة والعثمانیة ساهم بشکل کبیر على النظم والإنشاء والإنشاد والتدوین والنشر، بل استطاعت القصیدة الحسینیة أن تتجاوز حدود توازن القوى ولاسیما فی القرن الرابع عشر والخامس عشر الهجرین، وهذا ما ساعد بشکل کبیر على خلق جبهة إصلاحیة فی بلدان عدة تتخذ من شعار الإصلاح الحسینی عنواناً.

ث‌- تمتاز المدرسة الإمامیة بطبیعتها الإنفتاحیة وهی تتقبل النتاجات النقلیة والعقلیة بما فیها الأدبیة من کل المدارس الفقهیة الإسلامیة وغیرها، لأنها فی الأساس ترجع فی خزینها إلى مدونات السنة النبویة وما ترکته مدونات أهل بیت النبوة، ولذلک فإن إنتاجها من الأدب غیر منغلق یتقبله الآخر ذی الفطرة السلیمة من غیر معوقات مذهبیة أو عقد نفسیة، من هنا صح القول کما یقول العلامة الکرباسی: (بأن التشیع لیس بمذهب عقائدی ضیق بل هو حضارة إنسانیة جذورها مرتبطة بالسماء وتعتمد المعرفة والعلم فی عالم الفکر والتقنین والتطبیق).

فنون لا جنون

أشیع فی الوسط الأدبی والفنی أن الفنون جنون، ولم یبتعد قائلها عن مرکز الحقیقة کثیرا، لأن بعض الفنون جنون، إذا ما أخذنا بنظر الإعتبار أن الجنون هو الخروج عن حد المألوف، ففی الوسط الثقافی جنون، وفی الوسط الفنی جنون، وفی الوسط التشکیلی جنون، وفی الوسط السیاسی جنون، وفی الوسط الأدبی جنون، وهکذا فی کل وسط بشری، لکن بعض الجنون فن جدید یتذوقه بعض ویستهجنه بعض آخر إلى أمد معین ثم یألفه بعد حین.

بید أنَّ المقولة تتراجع على استحیاء خجلى عندما تقترب من ماء مدین الشعر، ففنونه إبداع وإبداعه فنون، وإن أصابه الجنون فهو إدواری لا دائمی، إلا شعر الکلمات المتقاطعة الذی یسمى عند المتشاعرین شعرا فهو فی عالم القصیدة العمودیة جنون دائم وإن ذاد قائلها أو سقى حین صدر الشعراء عن عیون القوافی.

ومن إبداعات الشعر فن التصدیر أی رد عجز البیت على صدره، وهذا الفن لا نجده متکاملا مستوفیا لغرضه إلا فی القصیدة العمودیة، فیکون البیت فی القصیدة کالقمر فی قلب السماء، ومن ذلک قول الشاعر محمد علی بن محمد آل کمونه المتوفى عام 1282هـ، من قصیدة من 44 بیتاً من بحر الکامل، ومطلعها:

ما بالُ عَیْنِکَ بعدَ کَشْفِ غِطائها *** قَذفَ الأسى إنسانها فی مائها

ثم یصل بیت الشاهد:

عن کربلا وبلائها سَلْ کربلا *** سَلْ کربلا عن کربلا وبلائها

ومن ذلک قول الشاعر صالح بن مهدی الکواز المتوفى عام 1290هـ فی مرثیة له فی الإمام الحسین(ع) وأنصاره، من بحر الخفیف:

أینَ حبِّی إنْ لم أمُتْ لکَ حُزناً *** أین حزنی إنْ لم أمُتْ لکَ حُبًّا

ومن حق الشاعر الکواز أن یتساءل عن موضع حبَّه وحزنه داعیاً الآخر إلى النظر فی واقعة کربلاء، لأن النبی موسى(ع) ترک مصر وقد ورد ماء مدین خائفاً یترقب یبحث عن ملاذ من سطوة فرعون وجنوده، فیما أن الحسین(ع) ترک المدینة وورد کربلاء مع أهل بیته وأنصاره بحثاً عن الخلاص لأمة محمد(ص) التی استنجدت به، فصدر موسى(ع) عن مدین بزوجة وعیال ونبوة، وصدر الحسین(ع) عن المدینة المنورة برؤوس أبنائه وأصحابه شارباً کأس المنیة فی عرصات کربلاء، وقد أحسن الشاعر الکواز فی تصویر ثنائیة موسى والحسین علیهما السلام من قصیدة من 42 بیتا من بحر الکامل ومطلعها:

باسْمِ الحُسینِ دعا نعاءِ نعاءِ *** فَنعى الحیاةِ لسائر الأحیاءِ

حتى یصل موضع الشاهد:

لَمْ أنسَ إذْ ترکَ المدینةَ وارداً *** لا ماءَ مدینَ بلْ نجیعَ دماءِ

قد کان موسى والمنیةُ إذْ دنَتْ *** جاءتهُ ماشیةً على استحیاءِ

ولهُ تجلّى اللهُ جلَّ جلالُهُ *** فی طورِ وادی الطفِّ لا سَیْناءِ

وهناکَ خَرَّ وکلُّ عُضوٍ قد غدا *** منهُ الکلیمُ مُکَلِّمَ الأحشاءِ

رؤیة أرمینیة متَفتِّحة

لأن القرنَ ملیء بالقصائد الحسینیة فإن الجزء الأول من دیوان القرن الثالث عشر اقتصر على قافیة الألف والباء فی 68 قصیدة للشعراء حسب الحروف الهجائیة:

إبراهیم حسن قفطان (1279هـ)،

إبراهیم صادق العاملی (1284هـ)،

باقر إبراهیم العطار (1235هـ)،

حسن أحمد المحسنی (1272هـ)،

حسن محمد التاروتی (1250هـ)،

حُمید إبراهیم آل نصار الشیبانی (1225هـ)،

راضی صالح القزوینی (1285هـ)،

سالم محمد علی الطریحی (1293هـ)،

صادق محمد الاطیمش (1298هـ)،

صالح مهدی الکواز (1290هـ)،

عباس علی السکافی (1276هـ)،

عبد الباقی سلیمان العُمَری (1278هـ)،

عبد الحسین أحمد شکر(1285هـ)،

عبد الحسین قاسم محیی الدین (1271هـ)،

عبد الحسین محمد علی الأعسم (1247هـ)،

عبد الرضا حسن الخطی (ق 13هـ)،

عبد الله أحمد الذهبة (1277هـ)،

عبد الله أحمد القطیفی (ق13هـ)،

عبد الله علی الوایل الاحسائی (1300هـ)،

عبد المنعم محمد الجدحفصی (بعد 1201هـ)،

عثمان عبد الله المولوی (ق 14هـ)،

علی عبد الحسین الأعسم (1244هـ)،

علی ماجد الجدحفصی (1208هـ)،

قاسم محمد علی الهر (1276هـ)،

لطف الله علی الجدحفصی (بعد 1201هـ)،

محسن حسن الأعرجی (1227هـ)،

محمد جعفر الأدهمی (1249هـ)،

محمد عبدالله الخطی (1203هـ)،

محمد عبدالله الشویکی (1254هـ)،

محمد بن علی آل عصفور (قبل 1216هـ)،

محمد مال الله أبو الفلفل (1261هـ)،

محمد مال الله (ابن معصوم) القطیفی (1271هـ)،

محمد بن علی آل نصار الشیبانی (1292هـ)،

محمد علی بن حسین الأعسم (1233هـ)،

محمد علی بن محمد آل کمونه (1282هـ)،

مهدی داود الحلی (1289هـ)،

مهدی مرتضى بحر العلوم (1212هـ)،

موسى جعفر الطالقانی (1298هـ)،

وهاشم حردان الکعبی (1231هـ).

وإلى جانب هذه الأسماء اللامعة من الشیعة والسنّة الذین نقشوا قوافیهم على حائط النهضة الحسینیة، فإن هذا الجزء اختتمه مؤلفه بمقدمة باللغة العربیة للأدیب السوری، الدمشقی المسکن، الأرمنی الدیانة، الدکتور أوادیس بن أرشاویر استانبولیان المولود فی مدینة حلب عام 1373هـ (1954م)، الذی وجد أنه: (بالدم الطاهر .. أسس الإمام الحسین مدرسة الشهادة والإباء ورفض الذل، بروحه العظیمة .. أنار درب الشرفاء الساعین لقول الحق والأمر بالمعروف والنهی عن المنکر، بقلبٍ امتلأ إیماناً .. تقدَّم إلى مذبح الشهادة مختاراً طائعاً).

وهکذا کما یضیف الدکتور استانبولیان: (تدفقت عواطف کل من قرأ أو سمع مأساة کربلاء .. دموعاً تملأ المُقل .. وقصائد شجى تملأ النفس .. وألحانَ حزنٍ یعزفها القلب .. تشکو إلى الله ظلم الغاشمین وقهر الجبابرة الحاکمین، من هذه النفوس الممتلئة بالعاطفة الصادقة تدفقت هذه القصائد الرائعة).

إن القصائد التی جمعها وحققها العلامة الشیخ محمد صادق الکرباسی تمثل رحلة کما یؤکد الدکتور استانبولیان: (رحلة .. فی فضاء القلب والتاریخ والتقوى تتدفق عن حیاة الحسین ودرب جهاده .. أولیس الحسین مصباح الهدى .. وسفینة النجاة .. وإمام خیرٍ .. ویُمنٍ .. وعزٍّ .. وفخرٍ .. وبحر علم وذخر؟).

نعم .. إنه مصباح هدى وسفینة نجاة کما قال جده محمد بن عبد الله(ص) الذی بعثه الله رحمة للعالمین کلَّ العالمین.