دعم الموسوعة:
Menu

 

حین تستعذب الذائقة البصریة مشاهد القاهرة الفاطمیة

 

للسفر طعم خاص لا یتذوقه کل مسافر، کما لا یجید التعاطی مع الشواهد والآثار من یمر علیها مرور الکرام، فأینما حل المرء برحله، لابد وأن یجد الجدید، فلکل مجتمع شواهده ولکل بلد آثاره، وإن بدت أنها متشابهة مع غیرها، ولکن النظرة البحثیة التواقة إلى الجدید ستکتشف ما لم تره العین العادیة، فالشوارع الخارجیة على سبیل المثال هی نفسها فی کل البلدان، ولکن العین الثاقبة هی القادرة على التمتع بما یمتد به البصر عبر حافتی الطریق، ففی بلدان تحاصرک المناظر الخضراء من الجانبین، وبعضها تجد البحر من جانب ومن الآخر الخضار أو الجبال، وفی بلدان تحاصرک الصحراء من الجانبین وکلما أمعنت البصر زاغت العین عن السراب، والصحراء فی عینها متعة أخرى إذا أراد الإنسان أن یتمتع بها فهی الأخرى تفتح لدى الناظر الفطن مدارک الذهن والتفکیر الحسن.

وحیث ننتمی إلى بلدان عربیة وإسلامیة، فإنها تشترک بشواهد وآثار ومعالم یجدها المرء فی بلده وفی غیرها، ومع هذا فإننا نتوق إلى رؤیتها لأن المعالم فیها من الروح ما لا یتحسسها إلا صاحب الذوق الرفیع، ومن تلک المعالم البارزة: المساجد والمراقد والمقامات، فهی منتشرة فی کل مکان من أرض المسلمین، ولکن لکل واحدة مسحة خاصة، فالمساجد والمراقد فی العراق لها ذائقة بصریة خاصة تختلف عن التی فی الشام، وهذه لها طعم بصری یختلف عن التی فی ترکیا أو إیران، وهذه بدورها تختلف عن التی فی مصر أو المغرب أو السنغال، والدول المذکورة هی التی أسعفنی الزمان إلى زیارة معالمها الدینیة، إلى جانب روما وباریس، وهکذا، فالبعض من المسافرین ینظر إلیها على أنها مساجد ومراقد فحسب، ولکن المتذوق للسفر وإن قلّ یتعاطاها بشکل مختلف، یستمتع بها قدر الإمکان، یصورها فی عدسة ذهنه ویحتفظ بها فی حافظة فلمه وعدسة تصویره، یستحضرها کلما اشتاقت نفسه إلى إعادة الذکریات مع رحلته هنا أو هناک.

وهذا ما أحاول أن أتلمسه فی أی بلد أحلُّ فیه على قلة الرحلات المتکافئة أساساً مع الوضع الجیبی، وکانت لی لمصر رحلتان فی العامین 2010م و2011م، فی الأولى رحلة عائلیة سهرنا اللیالی مع القاهرة المستیقظة لیل نهار، وتمتعنا بآثارها ومساجدها، وتمسحنا عند أبواب مراقدها، نطلب من الله تحقیق الأمنیات، وفی الثانیة رحلة عمل لاستکشاف مقام رأس الحسین(ع) فی خان الخلیلی کمعلم ولائی تُشد إلیه الرحال من أقصى مصر إلى أقصاها ناهیک عن الزائرین والسائحین القادمین من خارجها الذین لا تکتمل رحلتهم إلا بزیارة مشهد الحسین(ع) والجلوس فی مقاهی خان الخلیلی والتمتع برؤیة منارة المقام الشریف المتسامقة والجدران الحاکیة عن التاریخ الفاطمی، وجموع الوافدین الذین یفترشون الأرض الذین یأتیهم رزقهم کل حین من الخبر المحلی الأسمر الذی یوزع علیهم تبرکاً، وغیره من المعجَّنات والثوابات، ولا تتعجب إذا تقاطعت فی مسامعک الأصوات بین مغنیة یأتی صوتها من قعر مقهى مقابل لباب السندرة أو الباب البحری فی شرق المقام الشریف، وبین صوت ندی یأتی من منشد یقف على عتبة باب الفرج فی الجهة الغربیة من المقام الشریف أو الباب الأخضر من الجهة الجنوبیة منه أو باب الست فی الجهة الشمالیة، أو من مسجلة محل أو عربة یعرض صاحبها أشرطة مداحین من صعید مصر وغیرها وکلها فی حب المصطفى (ص) وآله.

مشاهد لا تُنسى تجذبک إلیها طبیعة المجتمع المصری المسالم الولائی الذی یجد راحته عند أعتاب الأولیاء، وما شدّنی أکثر فی هذه الرحلة أنها رحلة عمل استکشافیة دامت أسبوعا جمعتنی والزمیل المخرج التلفزیونی الأستاذ بحر الحلی، فکان مقام رأس الحسین وکل ما یتعلق به هو محور الرحلة، وحصیلتها من معلومات وصور تم وضعها تحت ید المحقق الدکتور محمد صادق الکرباسی صاحب دائرة المعارف الحسینیة، فجاءت المعلومات الاستکشافیة متوزعة هنا وهناک فی الجزء السابع من کتاب "تاریخ المراقد .. الحسین وأهل بیته وأنصاره" الذی صدر حدیثا (1433هـ - 2012م) عن المرکز الحسینی للدراسات بلندن فی 497 صفحة من القطع الوزیری.

• ظفر علمی

فی واقع الحال أن الرحلة البحثیة بقدر ما هی متعبة لکنها ممتعة، خصوصاً إذا وجد الإنسان آثارها وتحسسها، والمحقق الکرباسی وهو یتابع إصدار أجزاء دائرة المعارف الحسینیة، یحاول قدر الإمکان الوصول إلى المعلومة والوقوف علیها ومشاهدتها عیاناً، لأن التألیف ووضع الکتاب إلى جانب نظیره لیس هو مقصده، فالأساس عنده هو التحقیق، وهو ما یمیز الموسوعة الحسینیة عن غیرها، ومن ذلک باب تاریخ المراقد الذی یشکل واحداً من ستین باباً طرقتها الموسوعة، ویقتضی البحث فی هذا الباب التثبت من المعلومة نقلاً أو میدانیاً، ولما کان الجزء السابع من تاریخ المراقد کشقیقه الجزء السادس یتابع حرکة رأس الإمام الحسین(ع) من کربلاء إلى الشام ومن ثم العودة إلى موضع الإستشهاد، فإن هذا الجزء یستأنف ما انتهى إلیه سابقه حیث الرأس الشریف فی دمشق.

وتدل خارطة عودة الرأس الشریف کما فی تحقیقات الکرباسی إلى مناطق مختلفة وهی مقام الرأس فی مدینة بالس (مسکنة) بین حلب والرقة فی سوریا، ومقام الرأس بالرقة، ومقام الرأس فی النجف الأشرف بالعراق، ثم الرأس فی مقبرة البقیع فی المدینة المنورة، والرأس فی مدینة مرو فی ترکمنستان، ومقام الرأس فی عسقلان بفلسطین، وأخیراً مقام الرأس الشریف فی القاهرة، على أن حصیلة الآراء هو أن الرأس الشریف أُلحق بالجسد الشریف فی کربلاء، ولکن المؤلف الذی تعهَّد بمتابعة کل صغیرة وکبیرة لها علاقة مباشرة أو غیر مباشرة بالنهضة الحسینیة، توقف عند هذه المشاهد والمقامات طویلاً یبحث فی تفاصیلها مع قناعته التامة أن الرأس فی کربلاء، فالهدف من الموسوعة هو التحقیق أولاً وآخراً، وفی مجال الولاء فإن المستحضر فی کل المشاهد قول الشاعر (من مجزوء الکامل):

لا تطلبوا رأس الحسیــــ ... ـــــن بشرقِ أرضٍ أو بغربِ

ودعوا الجمیع وعرِّجوا ... نحوی فمشهده بقلبی

وزیارتنا إلى القاهرة ونحن نسجل ملاحظاتنا ومشاهداتنا عن مقام رأس الحسین ومتعلقاته إنما هی مکملة لتحقیقات المؤلف، بل إنه رغم انشغاله بالکتاب وهو فی لندن یرشدنا عبر الهاتف إلى مواضع وأماکن على علاقة بالرأس الشریف لاستکشافها نسمع عنها أول مرة، من قبیل صندوق مقام رأس الحسین الذی یعود تاریخ صنعه إلى عام 574 هجریة والذی نقل من المقام إلى متحف الفن الإسلامی عام 1321هـ یقع إلى یسار الداخل من البوابة الرئیسة، وفی أعلاه وضعوا آنیة خزفیة نصف دائریة على شکل قحف مطلی بمواد المیناء وعلیه نقوش نباتیة وربما کان هو الذی یُعبر عنه بالسفط الذی وضع فیه الرأس والذی حمل فیه الرأس الشریف من عسقلان إلى القاهرة سنة 548هـ، وکذلک اللوحة التی غُسل علیها رأس الإمام الحسین کما فی الروایة المصریة وهی الیوم معلقة على واجهة الإیوان القبلی فی مسجد الملک طلائع فی باب زویلة فی القاهرة، وهذه معلومات یقف علیها المؤلف ووقفنا علیها لأول مرة مذهولین، ولم یکن تصویرها بالأمر الهین، فقد تطلب منا استحصال الموافقة من مدیر متحف الفن الإسلامی الدکتور محمد عباس الذی التقیت به فی مکتبه ظهر الخمیس 23/6/2011م وأظهر تفهما لمهمتنا العلمیة وأعطى موافقته على التصویر الفوتوغرافی دون التصویری الفیدیوی، ولکن الفضول المعرفی والحس المهنی لم تمنع الأستاذ بحر الحلی من استراق النظر وتصویر الصندوق فیدیویا وهو ما أفاد المؤلف کثیراً فی إظهار ما على الصندوق من آیات قرآنیة، وأـستطیع الجزم بأن المحقق الکرباسی یکون السباق إلى استنطاق الکتابات الکثیرة الموجودة على الصندوق والمحفورة بخطوط مختلفة، ولقد استفسرت حینها من المتحف ومن غیره إن کان فی سجلاتهم وأرشیفهم ما یشیر إلى کامل الآیات المنقوشة والمحفورة، فنفوا وجودها، وبهذا یکون الکرباسی قد قدّم خدمة کبیرة لمتحف الفن الإسلامی، ولم تکن عملیة إنزال الکتابات المحفورة من الصندوق إلى الورق بالعمل الهین، وکنت أظن أن ساعتین قضیتها مع الصندوق کافیة لاستخراج کل الکتابات القرآنیة وغیرها، فقد تطلب الأمر عند العودة إلى لندن أکثر من ثلاثة أسابیع من الفحص والتدقیق ومعاینة الصورة والأفلام المرة تلو الأخرى.

ولا یتوقف التحقیق المیدانی الوارد فی الکتاب على القاهرة، فالأمر شمل مقام الرأس فی عسقلان قرب مدینة غزة فی فلسطین وهو الواقع فی حدیقة مستشفى برزیلای فی عسقلان أو "أشکلون" حسب التسمیة العبریة، فلولا الحظر الشرعی من زیارة الأراضی المقدسة فی فلسطین لکانت عدساتنا وصلت إلى مقام الرأس فی عسقلان، لکن الدکتور الکرباسی لم تعجزه الحیلة عن المشاهدة العیانیة فقد انتدب إلیها الدکتور وهبی بن علی وهبی طبیب العیون فی مستشفى برزیلای الذی وفّر للموسوعة المعلومات المصورة التی احتلت من الکتاب 32 صفحة، على أن الحیز الذی أخذه مقام الرأس فی القاهرة توزع على 212 صفحة من مجموع صفحات الکتاب أی أقل من النصف بقلیل. کما لا تعجز المؤلف الحیلة عن الذهاب بنفسه لمعاینة المعلم الحسینی إذا وجد أن البحث غیر مستوفٍ کما فعل فی الجزء الخامس من تاریخ المراقد بزیارته المیدانیة إلى مرقد السیدة خولة بنت الحسین(ع) فی مدینة بعلبک اللبنانیة، فضلاً عن الزیارة المیدانیة لمرقد الإمام الحسین(ع) ومتعلقاته التی ظهرت فی الأجزاء الأولى لباب تاریخ المراقد وفی الاستدراکات التی ظهرت فی الأجزاء کلها.

• بین عهدین

فی الزیارة الأولى لمقام الرأس الشریف وکان الرئیس المصری السابق محمد حسنی مبارک على رأس الحکم، استوقفنی أحد رجالات الأمن عندما رآنی مهتماً بمشهد رأس الحسین(ع) وبجدرانه وحیطانه مقیداً بعض الملاحظات، فکانت أسئلته تصب فی خانة بعیدة عن التوجهات البحثیة التی تقلقل جعبتی العلمیة، وفی آخرها سألنی عن رأی دائرة المعارف الحسینیة بمقام الرأس الشریف ومرقد السیدة زینب الکبرى فی القاهرة، فکانت الإجابة واضحة، أن الرأس الشریف على ما علیه المؤلف هو فی کربلاء المقدسة وأما السیدة زینب الکبرى فمرقدها فی القاهرة.

وبعد عام من تلک الزیارة والرئیس المصری المخلوع فی مستشفاه أو محبسه، کان رجل الشرطة الحارس على أمن الزائرین فی المقام الشریف یسهل لنا مهمتنا البحثیة، ووجدت المصریین من مسؤولین وموالین أکثر اهتماماً بالمراقد المقدسة من ذی قبل، بخاصة بعد الإنفلات الأمنی الذی فتح الباب على مصراعیه أمام الحرکات الدینیة المتطرفة وتهدیدهم بهدِّ المراقد والمقامات وهدمها وتدمیرها، فهم یعتقدون راسخین أن رأس الحسین(ع) عندهم وهذا یزیدهم فخراً، بل أن الولاء لأهل البیت(ع) الذی علیه شعب مصر یجعلک تقف مبهوراً وأنا القادم من کربلاء المقدسة حیث مسقط رأسی وفیها مرقد الإمام الحسین(ع)، ولدیهم فی ذلک عرفانیات وکرامات استدلوا بها على وجود الرأس الشریف فی القاهرة، لکن المؤلف وهو یُکبر فی أهل مصر اعتقادهم الراسخ فی النبی(ص) وأهل بیته(ع)، وعندهم مرقد جده مالک بن الأشتر النخعی المستشهد عام 37 للهجرة فی مدینة الخانکه عند مدخل محافظة القلیوبیة، لا یرى فی الکرامات دلیلاً مادیاً موضوعیاً لأنَّ: (مثل هذه الکرامات أو البرکات یمکن أن تظهر لمجرد ذکر هذا الإمام العظیم أو غیره من المعصومین(ع) وبما أن المشهد الحسینی کان محط الصوفیة فإنهم یجدون للرؤیا ولبعض الکرامات أسساً یربطونها بالحقائق التی لا یمکن قبولها إلا بالنقل الموثوق).

وهذا الإیمان بموجودیة الرأس فی القاهرة یظهر فی قصائد الموالین، من ذلک ما أنشده الفقیه ابن الست محمد شلبی (1115- 1198هـ) الذی لازم زیارة مقام الرأس الشریف القاهرة، (من بحر الکامل):

هل ثَمَّ باب للنبی سواکمُ ... من غیرکم من ذی الورى ریحانَتُهْ؟

تبّاً لطرف لا یشاهد مشهداً ... یحوی الحسینَ وتستَلِمْهُ سلامَتُهْ

فالزمْ رحاباً ضمَّ سِبطَ محمَّدٍ ... ما أمَّهُ راجٍ وعیقت حاجَتُهْ

وهذا الفقیه الشبراوی عبد الله بن محمد الشافعی (1091- 1172هـ) یقول (من الخفیف) ومطلعها:

یا ندیمی قُمْ بی إلى الصهباءِ ... واسقنیها فی الروضة الغنَّاءِ

إلى أن یصل موضع الشاهد:

وإلى المشهد الحسینی أسعى ... داعیاً راجیاً قبولَ دُعائی

یا بن بنتِ الرسولِ إنِّی مُحبٌّ ... فتعطَّف واجعل قَبولی جزائی

ورغم اختلاف الروایات بشأن الرأس الشریف، فإن المحب یجده حیث یهواه الفؤاد، ولذلک فإن زیارة المقام لها طعم متمیز لا تتقاطع وجدانیاً مع وجود الرأس فی کربلاء، وکما أنشأ الأدیب الکرباسی (من مجزوء البسیط) فی تعدد مقامات رأس الحسین(ع):

إذا رُمتَ رأس الحسینِ عاشقاً ... فاقصُدْ فؤادی تجدهُ بارقاً

لا تبحثوا عنهُ منذُ فارقا ... طافوا بقلبی فظلَّ عالقا

• قراءة من الداخل

على الرغم من التظاهرات المتقطعة فی میدان التحریر وسط القاهرة بین مؤید للوضع السیاسی الجدید ومعارض، فإن الأوضاع خارجه تبدو هادئة وأهلها فی حرکة دؤوبة، بل إن المشهد الحسینی والمرقد الزینبی شهدا حضورا مکثفاً وبخاصة فی "اللیلة الکبرى" فی 26 رجب 1432هـ (28/6/2011م) حیث احتفل بها ملیونا مصری فی مرقد السیدة زینب فی سابقة هی الأولى من نوعها فی تاریخ مصر وبهذه الکثافة البشریة.

ورغم فترة العمل القصیرة والمکثفة التی استغرقت أسبوعا واحداً (19-25/6/2011م)، لکنها کشفت عن أمور کثیرة، ولعلّ واحدة منها هی رغبة المثقفین المصریین فی التعاون المعرفی وتوفیر المعلومة، وهذا ما لمسته من خلال لقاءات عدة مع أدباء وإعلامیین وسیاسیین، وکشفته أکثر من خلال التعاون المیدانی لشخصیات حکومیة وغیر حکومیة، من قبیل: وکیل أول وزارة الإعلام الأدیب أحمد جمال الدین سلیم، والإعلامی ولاء مرسی صاحب امتیاز جریدة أخبار العرب، والأدیب والتربوی عادل بن سعد زغلول، وإمام مقام رأس الحسین(ع) السابق الدکتور الشیخ السعید بن محمد بن محمد بن علی، ونجله البکر الشیخ عصام بن السعید محمد علی، وغیرهم.

وکان لإمام المقام الحسینی الشریف وخطیبه الدکتور الشیخ محمد بن عبد المقصود حرز الله المولود فی مدینة القلیوبیة سنة 1970م، حضور ودور مشهودان فی هذا الجزء من مجلد تاریخ المراقد وذلک من خلال تسهیل عملنا أولاً، ومن خلال کتابته مقدمة له، وهی مقدمة بقلم من یقف خطیباً فی مسجد الإمام الحسین(ع) فیکتب عن صاحب المقام الشریف فیرى أن مکانته فی قلوب الناس لا تدانیها مکانة: (فغدا علیه السلام محبوب کل فرد ومثله الأعلى فی الشجاعة والإیثار والتضحیة والفداء)، فالإمام الحسین(ع) عنده محارب یحطم الفرسان تحطیماً، ولقد آثر الموت تحت ظلال السیوف: (قاتل مع قلّة من أنصاره جیوش یزید وهو فی العراء وفی غیر حصن وعلى غیر ماء، وقلیل ممن عُرفوا بالشجاعة بل یکاد لا یوجد منهم من یقدم على ما أقدم علیه الحسین یوم کربلاء).

ووجد الدکتور محمد حرز الله أن هذا الجزء من الموسوعة جاء متکاملاً: (وقد أحسنت الموسوعة الحسینیة بهذا الإخراج، العظیم الجهد الکبیر، من التدقیق والتحقیق ورسم الصورة کاملة للإمام رضی الله عنه)، ولأن الدکتور محمد حرز الله قد لمس الجهد المعرفی للمؤلف ووقف علیه، ولذلک: (جاء الجزء السابع من کتاب تاریخ المراقد بالحدیث الموضوعی والمنهجیة العلمیة فی تتبع حرکة الرأس الشریفة من کربلاء إلى دمشق ثم إلى عسقلان ثم إلى مثواه الأخیر بالقاهرة بمصر وذلک على قوانین وقواعد البحث العلمی)، من هنا فإن: (المؤلف سماحة الفقیه الدکتور محمد صادق بن محمد الکرباسی، حفظه الله ورعاه، بهذا التدقیق والتحقیق العلمی یُکتب فی میزان حسناته، وأرجو الله أن یحشره مع الإمام الحسین(ع) وکل قارئ ینتفع بهذه الموسوعة الحسینیة الطیبة الغایة الواسعة المعتبرة).

وفی تقدیری أن قراءة الکتاب تُقدم للقارئ، عالماً أو متعلماً، فوائد جمّة، ولعلَّ أهمها فی مجال البحث العلمی، هو الصبر فی التنقیب عن المعلومة، والبذل فی استحصالها، والتواضع للعلم، وهی سمات ضروریة فی الإنتاج المعرفی الرصین.