دعم الموسوعة:
Menu

 

إسهامات الشعراء في بناء الحضارة الإنسانية

 

كانت القبيلة في الجاهلية تفرح وتقيم الليالي الملاح وتفرش الموائد ويرتفع دخان مواقدها إذا نبغ فيها شاعر أو ولد لهم ذكر، وتقام مجالس التهنئة لفرس تنتج، فالشاعر دلالة على القوة الإعلامية التي ستبلغ بها القبيلة الآفاق، والذكر دلالة على القوة البشرية في المجالات كافة وبخاصة عند ساحات الوغى، والفرس المنتجة دلالة على القوة العسكرية إن حمل معنى "تنتج" على الفرس الولود أو الفرس السريعة في الميدان، وكلما ازدادت جياد القبيلة زادتها هيبة وقوة وأدخلت الرعب في قلوب الآخر. وقد أصدقنا القران المجيد الوصف في بيان حالة الفرح والجذلان عند ولادة الذكر من خلال بيان حالة القبيلة التي يولد عندها أنثى، فالأب يشعر بالعار والشنار، ما يحمله على قتل ابنته ووأدها في قبرها صبرا، قال تعالى في سورة النحل: 58-59: (وإذا بُشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم. يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون).

وربما يكون الشاعر أبو الطيب المتنبي أحمد بن الحسين (ت 354 هـ) قد جمع مثلث "الشاعر والولد والفرس المنتج" في ميميته الشهيرة في قوله من بحر البسيط:
الخيل والليل والبيداء تعرفني ** والسيف والرمح والقرطاس والقلم
ومن معالم اشتهار حاتم بن عبد الله الطائي (ت 46 ق.هـ) بكرمه ان ضيفا حل عليه ولم يجد ما يضيفه إلا أنْ بقر جواده وأولمه لضيفه، فلما كان الجواد احد أضلاع مثلث قوة القبيلة، فإن وضعه على مائدة الضيف قمة الجود والكرم.
ومن قوة الشعر أن العرب كانت تفضله على النثر، وبالتالي تفضيل الشاعر المجيد على المتكلم المفوه، وهذه الملاحظة يسجلها الجاحظ عمرو بن بحر (ت 255 هـ) في البيان والتبيين: 1/45، بقوله: "كان الشاعر في الجاهلية يقدّم على الخطيب لفرط حاجتهم إلى الشعر الذي يقيّد عليهم مآثرهم ويُفخّم شأنهم ويهوّل على عدوهم ومن غزاهم، ويُهيِّب من فرسانهم ويُخوف من كثرة عددهم فيهابهم شاعر غيرهم ويراقب شاعرهم". ويذهب المحقق الكرباسي إلى أنَّ جد الرسول محمد (ص) السابع عشر مضر بن نزار بن معد بن عدنان: "يحتفظ بوسام السبق في نظم الشعر العربي فهو أبو الشعراء العرب إن لم يكن الأب المطلق للشعر والشعراء".
وهذا المثلث لا زال يحتفظ بقوته إلى يومنا هذا وبخاصة لدى العشائر في القرى الأرياف، لكن ضلع الشاعرية يعتبر قوة في الحضر والمدينة، وهو محل تبجيل العشيرة وتكريمها، وفوق كل هذا وذاك فهو محط أنظار البلد الذي يعيش فيه، تفتخر به ويفتخر بها، وتسابق به الأمة المتحضرة الأمم الأخرى، لأنَّ الشاعر المجيد لسان حال الأمة والبلد.
ولما كانت دائرة المعارف الحسينية المهتمة بحفظ تراث النهضة الحسينية، في واحد من أقسامها متابعة ما نظم في واقعة كربلاء منذ القرن الأول الهجري وحتى يومنا هذا، كان من البداهة ان يصار إلى بيان سيرة الشعراء أنفسهم، ولهذا جاء كتاب "معجم الشعراء" في جزئه الأول بوصفة باكورة باب الناظمين في الحسين (ع) بالعربية الفصحى، عمد مؤلفه الدكتور الشيخ محمد صادق الكرباسي إلى ترجمة الشاعر وبيان طبقته بين الشعراء ومتابعة نتاجاته الأدبية، والاستشهاد بنماذج من شعره من غير المنظوم في الإمام الحسين (ع) حيث ترك بيان ذلك إلى دواوين القرون، بحيث يخرج المتابع من قراءة الشاعر بحصيلة جيدة لاسيما وان المحقق الكرباسي في المعجم الصادر عن المركز الحسيني للدراسات في لندن في 562 صفحة من القطع الوزيري، أعمل جهده في تقصي سير الشعراء الناظمين في الإمام الحسين (ع) بالعربية الفصحى من خلال المباشرة بالسؤال عن الشاعر المتوفى من أبنائه أو أحفاده أو مؤرخي مدينته، صارفا في ذلك الجهد والمال، كما اعتمد في توثيق سير الأحياء منهم من الشعراء أنفسهم، بحيث يكون التوثيق لا لبس فيه، فضلا عن الرجوع إلى أمّات المصادر والمراجع والمعاجم والتراجم.

القوافي الباترة
مهد المعجم بمقدمة أوضحت دور الشعراء في نصرة الحق والحقيقة، ولا أجلى من قضية عادلة مثل قضية الإمام الحسين (ع) الذي خرج لطلب الإصلاح في الأمة الإسلامية بعد أنْ تحول فيها الحكم إلى ملك عضوض، من هنا: "فالشاعر المهدف سيظل اسمه خالدا مع أنصار الحسين (ع) الذين بذلوا مهجهم دونه ودون أهدافه السامية حيث أنَّ النصرة هي نصرة الأهداف، ولا تنحصر بالنزول إلى ساحة الوغى بل هي من أبرز مصاديقها وأشرف أنواعها"، ولذلك يصدق الشاعر مهيار بن مرزويه الديلمي (ت 428 هـ) بقوله من المتقارب:
وما فاتني نصركم باللسان ** إذا فاتني نصركم باليد
أو قول الشريف المرتضى علي بن الحسين (ت 436 هـ) من الخفيف:
لست أرضى في نصركم وقد احتجـ ** ـتم إلى النصر مني الأشعارا
غير أني متى نصرتم بطعن ** أو بضرب أسابق النصّارا
أو قول الموفق بن أحمد الخوارزمي (ت 568 هـ) وهو من أعلام الحنفية وخطبائها، من الوافر:
وإنَّ موفقـاً إنْ لـم يقاتـل ** أمامك يا بن فاطمة البتول
فسوف يصوغ فيك مجرات ** تنقل في الحزون وفي السهول
أو قول المعتزلي ابن أبي الحديد عبد الحميد بن هيبة الله (ت 655 هـ) من الطويل:
ويا حسرتا إذ لم أكن في أوائلٍ ** من الناس يُتلى فضلُهم في الأواخر
فأنصُرَ قوماً إنْ يكن فات نصرُهم ** لدى الرَّوع خطّاري فما فات خاطري
وهذه النصرة في نظم القوافي وإظهار معالم النهضة الحسينية بالضد من الاستبداد والمستبد يفسر حجم الاضطهاد الذي عانى منه الشعراء تحت لهيب الحكومات الظالمة، ويعلل: "السبب من وراء اغتيال الشعر الحسيني بل شعر مدرسة أهل البيت (ع) بشكل عام من كتب التاريخ والتراث والأدب والسيرة، وإبعاده من نوادي أدب ومجالس الشعر، فكلما كان الشاعر جاداً في نشر تلك الأهداف الحسينية بل المحمدية كانت معاناته أدهى وأعظم، وكلما كان الشعر بديعا فتح طريقه إلى القلوب والأذهان كان اغتياله أسرع وأشد".

حلبة الشعر
ويبحث المصنف تحت عنوان "طبقات الشعراء" في تأليف المعاجم وتصنيفها، ويستظهر من مجمل نصوص تاريخية: "انه في القرن الثاني الهجري كانت ولادة هذا النوع من التدوين بالنسبة للشعراء، ولعل أول كتاب حمل هذا الاسم هو كتاب طبقات الشعراء لمحمد بن سلام الجمحي المتوفى عام 231 هـ والذي يحوي على طبقات الشعراء الجاهليين وطبقات الشعراء الإسلاميين، ثم تلاه كتاب طبقات الشعراء للحسن بن عثمان الزيادي المتوفى عام 243 هـ وآخر لدعبل بن علي الخزاعي (ت 246 هـ) بالاسم ذاته والذي ألفه عام 246 هـ". كما يرى المؤلف إنَّ تشخيص قوة الشعر والشاعر وطبقته في الشعراء يتأتى من خلال تقصي كل الشعراء المميزين والإطلاع على جميع أعمالهم وسائر أغراضهم حتى يمكن الحكم عليهم وإظهار المفلّق منهم، على أنَّ: "الأفضل فصل الأغراض بعضها عن بعض وموازنة أعمال الشعراء في مجال تلك الأغراض وعليه تحدد طبقة الشاعر في ذلك الغرض دون غيره، وربما كان هذا هو الأقرب إلى الحقيقة". وأبان الإمام علي (ع) عن شرطين لمعرفة الشاعر المتميز وطبقته في الشعراء، وهو أنْ يحيط الحَكم بجميع الشعراء وشعرهم في مكان وزمان واحد، أو ان يكون النظم حرا غير خاضع لحدي سيف الرغبة والرهبة، يقول أمير الأدباء وسيد الكلام علي بن أبي طالب (ع): "لو أنَّ الشعراء المتقدمين ضمّهم زمان واحد ونصبت لهم رايةٌ فجَروا معاً علمنا مَن السابق منهم، وإن لم يكن فالذي لم يقل لرغبة ولا رهبة .." (العمدة لابن رشيق: 1/111)، ولهذا فإنه عليه السلام عندما يُسأل عن أشعر العرب يشير إلى امرؤ القيس بن حجر الكندي (ت 540م)، ويسوق الكلام السابق ويضيف: " فقيل: ومن هو؟ فقال: الكندي، قيل: ولم؟ قال: لأنني رأيته أحسنهم نادرة، وأسبقهم بادرة"(العمدة لابن رشيق: 1/41)، وشهادته هذه عن دراية، لأنه يقرر في الوقت نفسه كما في شرح نهج البلاغة لمحمد عبده: 4/765 حكمة 449، عندما سئل عن أشعر الشعراء: "إنَّ القوم لم يَجروا في حَلبة تُعرف الغاية عند قَصَبَتها – الحلبة – فإنْ كانَ ولابد فالملك الضليل"، قال الشريف الرضي محمد بن الحسين (ت 406 هـ) يريد امرأ القيس.
وهذا المعنى يشير إليه العالم الألماني أستاذ الدراسات السامية وتاريخ التراث العربي البروفيسور كارل بروكلمان (carl brockelmann) (م1866-1956) في تاريخ الأدب العربي: 1/46، بقوله: "كان النقاد يتخذون لتفضيل شاعر على آخر مقاييس مختلفة: منهم من قدم الشاعر لتقدمه في الزمن، ومنهم من يقدم الشاعر لجودة معناه، أو لحسن لفظه، ومنهم من قدم الشاعر لهوى أو عصبية .. ومن النقاد من يختار الشعر ويقدم صاحبه على خفة الروي أو على غرابة المعنى أو نيل قائلة أو على ندرته لأن صاحبه لم يقل غيره، وعلى سوى ذلك". من هنا فان الشاعر يخلد بشعره المجيد وإنْ قل، ولو ببيت واحد، وهذه الحقيقة يسجلها دعبل الخزاعي في قوله من الطويل:
سأقضي ببيت يحمدُ الناسُ أمره ** ويكثر من أهل الروايات حامله
يموت رديء الشعر من قبل أهل ** وجيده يبقى وإن مات قائـله
ويفرد المؤلف مبحثا في بيان الفرق بين "الناظم والشاعر"، بلحاظ: "إن الشعر في مصطلح الأدباء المعتدلين ما حرّك الشعور الإنساني بل مطلق الشعور مع مراعاة الوزن والقافية اللتان هما من لوازم ذلك، وأما إذا التزم بالوزن والقافية فقط فهو النظم"، ولذلك فكل شاعر ناظم وقلما يكون العكس صحيح، واشتهر عن الجاحظ رجزه:
الشعر صعب وطويل سلمه ** إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه
زلت به إلى الحضيض قدمـه ** يريد أن يعربه فيعجــمه
ثم يعرج المؤلف على بيان معنى "الترجمة" في مجال المعاجم، والذي يعني التوضيح والتفسير، وذكر سيرة الرجل وأخلاقه ونسبه، فضلا عن بيان نتاجات المترجَم، على أنَّ المعجم هو إزالة العجمة والإبهام، وفي باب معجم الشعراء هو بيان سيرة الشاعر وإظهار نتاجاته الأدبية وطبقته في شعراء عصره وقبل وبعد. وعمد الدكتور الكرباسي في "معجم الشعراء" إلى ذكر سيرة وحياة الأحياء من الشعراء، مع اعترافه بأنَّ هذه المهمة شاقة لأنَّ رضى الناس غاية لا تدرك، ناهيك عن الظروف السياسية والأمنية والاجتماعية المحيطة بالشاعر، ولكن المؤلف وضع نصب عينيه عند الترجمة: تكريم الشاعر في حياته، وثبت المعلومة والتثبت منها، وأخذ المعلومة من منابعها لترتفع نسبة وثاقتها. على أنَّ المؤلف في الوقت نفسه نأى بنفسه عن ذكر سلبيات الشاعر الشخصية والاقتصار على الجانب الايجابي في مجال الأدب، وابتعد عن استخدام أدوات المدح أو الذم عند التعريف بالشاعر من ألقاب وصفات ترفع به إلى زحل أو تحط به إلى وحل.
ولأن قافلة الشعراء الناظمين في الإمام الحسين من الشعر القريض طويلة جدا، فان الجزء الأول استوعب الشعراء والشاعرات من حرف الألف والألف باء فقط في 44 ترجمة مع وضع اثني عشر شاعرا في حرف الألف قيد الدرس والبحث.

المرأة الشاعرة
يفتتح المعجم بالشاعرة المعاصرة آمال عبد القادر الزهاوي المولودة في بغداد في العام 1365 هـ (1946م)، التي نظمت الشعر منذ نعومة أظفارها، لنشوئها في أسرة علم وأدب، فجدها الشيخ محمد فيضي بن الملا أحمد بابان كان إلى جانب شاعريته مفتي بغداد والمتوفى سنة 1308 هـ، واشتهر من أسرتها الشاعر جميل صدقي الزهاوي (ت 1936م) والشاعر والصحافي إبراهيم أدهم الزهاوي ( ت 1382 هـ)، وغيرهم.
وهي إلى جانب الشعر كاتبة وصحافية، لكنها: "تحولت إلى الشعر الحر وقد تأثرت بكلمات جبران خليل جبران (ت 1350 هـ) وجبرا إبراهيم جبرا (ت 1994م) بدأت بالشعر القومي، ثم استخدمت الأساطير الإغريقية، ثم تحولت إلى أساطير شرقية وعربية، وكتبت مجموعة قصائد هي مراثٍ سياسية للمرحلة كما كتبت قصائد تأملية صوفية وقصيدة تصويرية".
ومن الشاعرات الراحلات آمنة بنت الشيخ الوحيد البهبهاني محمد باقر الحائرية (ت 1827م) المولودة في كربلاء في العام 1747م، وهي والدة السيد محمد الطباطبائي المشهور بالمجاهد لقيادته جيش المسلمين في إيران بالضد من القياصرة الغزاة ودفعهم عن الحدود الإيرانية، ومات في قزوين في العام 1242 هـ في طريق العودة من المعركة، ونقل جثمانه إلى كربلاء المقدسة، وكانت له وللمترجم لها مزار وقبة عند مدخل سوق التجار الكبير في مدينة كربلاء المقدسة ولكنه أزيل بصورة مشينة في العام 1979م على عهد مدير بلدية كربلاء عباس بن احمد العامري (1977-1980م) تحت زعم توسعة شارع ما بين الحرمين حيث أضاع الهدم الكثير من المعالم الأثرية والتاريخية للمدينة، وقد قاد العامري بنفسه وتحت جنح الظلام عملية إزالة مقبرة العائلة الطباطبائية وبقيت عظام الشاعرة ونجلها مرمية على الأرض لثلاثة أيام، وكلما طلب وجهاء المدينة من العامري نقل الرفات إلى مكان لائق بأًصحابها كان يسخر منهم، وتحت ضغط شديد ولامتصاص نقمة الناس، تم نقل بقايا الرفات إلى مقبرة المدينة بعد أن رفع النظام فوق أنقاض المقبرة لافتة كبيرة بقيت لأيام طوال فيها إشارة إلى مكرمة حكومة بغداد إلى أهالي كربلاء وأسرة الطباطبائي في نقل بقايا العظام!، وقد وقفت على الحدث بنفسي.

اللُغوي الشاعر
وأول من يواجهك من شعراء النهضة الحسينية من الرجال هو المحقق والعلامة اللغوي الأديب العراقي إبراهيم بن أحمد السامرائي (1923-2001م)، الذي يعد من المحققين وعلماء اللغة القلائل، ومن شعره المتقدم قصيدة من المتقارب يحاكي فيها بغداد، نظمها في العهد الملكي في العام 1952 م بعد وثبة الطلبة والعمال بالضد من الوصي عبد الإله بن علي الهاشمي المتوفى سنة 1958 م، يقول في مطلعها:
تَحِنّ ويصبيك تذكارها ** ربوع تهزّك أخبارها
تمر بقلبك لفح الهجير ** حراراً يؤجج سعارها
إلى أنْ يقول:
أبغداد إني غريب بــأر ** ض تباعـد أقطارهـا
ليوجعني إن لفح السعير ** وقود اللظى فيه أزهارها

حديث الغربة
تتنوع الأغراض الشعرية، ويشتهر شاعر بغرض دون آخر، ولكن الشعراء وعلى مر التاريخ كتبوا عن الغربة والهجرة ووجعهما، وما تخلو سيرة شاعر من غربة وتغرب وحنين إلى أول موطن، ويكثر شعر الغربة في هذا المعجم، فالشاعر اللبناني إبراهيم بن محمد حسن حاوي العاملي المولود في العام 1912م المتغرب في أفريقيا، يكتب عن الغربة من الوافر وهو في السنغال في العام 1962م:
أقض بمضجعي ونفى رقادي ** حديث للتغرب عن بلادي
فقمت أشد للترحال عزماً ** بعيد القصد في نيل المــراد
ثم يقول:
ولي وطن يعـاودني هواه ** ويكثر من تذكره سهادي
اتخذت هدى أمانيه سبيلاً ** لكشف ملمة ولدفع عادي
أو قول الشاعر العراقي إبراهيم بن محمد الوائلي (1914- 1988م) في قصيدة نظمها في القاهرة في العام 1948م، يحن إلى بلده يقول في أولها من بحر الكامل:
بغداد إن طال الفراق وشفّني ** ظمأ فحسب تعلتي ذكراك
أنا إن بعدت فلي خيال هائم ** عبر الفضاء يطوف في مغناك
ثم يضيف:
بغداد والألم الدفين يهزني ** فإذا شكوت فلست أول شاكي
لي مثل ما للشاعرين معتب ** لو تستجيب لعاتـب أذنـاك
أتبيت دنياك الضحوك مدلةً ** وعلى مآسيها تبيـت قـراك
أو قول الشاعر اللبناني إبراهيم بن يحيى الطيبي (1741-1799م) الذي تقاسمت المدن العربية شخصه هربا من الوالي العثماني الجزار احمد باشا البوشناقي (ت 1804 م) فتنقل بين مدن الشام ثم حل العراق وتركه إلى إيران، ثم عاد واستقر في دمشق وفيها مات، يقول في قصيدة من الطويل وهو في طريق الهجرة بعد مقتل أمير أمراء جبل عامل الشيخ ناصيف بن نصار العاملي على يد المملوك البوسني أحمد باشا الجزار في العام 1195 هـ:
غريب يمد الطرف نحو بـلاده ** فيرجع بالحرمان وهو همــول
إذا ذكر الأوطان فاضت دموعه ** كما استبقت يوم الرهان خيول
وإن ذكر الأحباب حنّ إليهم ** كما حنّ من بـعد الفطام فصـيل
هم الأهل لا برق المودة خلب ** لديهم ولا ربـع الوداد محـيل

من كل قطر شاعر
ولما كان الإمام الحسين (ع) كجده محمد (ص) أسوة وقدوة ورحمة للعالمين، فانه لا يخلو قطر من شاعر أو شاعرة نظم في الإمام الحسين (ع)، وهذه بقية من وردت تراجمهم.
* العالمة آمنة بنت محمد علي الحائرية (1787-1852م) المولودة في قزوين، والتي بلغت درجة الاجتهاد على علماء كربلاء المقدسة حيث أمر زوجها العالم الشيخ محمد صالح البرغاني، النساء الرجوع إليها في الفتيا وأحكام الدين، وكانت إلى جانب حلقات الدرس في الفقه والأصول تنظم الشعر باللغتين العربية والفارسية ولها ملحمة شعرية من 480 بيتا في النهضة الحسينية.
* إبراهيم بن أحمد الحضراني، اليمني، المولود في مدينة عنس في العام 1920م، وهو إلى جانب الأدب درس الفقه، وعمل في السياسة، يقول في احد قصائده من الخفيف:
يا حبيبي وفي الضلوع رماد ** من بقايا أيامنا عبّاقُ
ضعه فوق الجراح ضعه ولو طر ** فة عين فإنه ترياقُ
هذه لحظة هي الدهر لا ما ** ضٍ تولّى ولا غدٍ سيُطاقُ
* إبراهيم بن حسن التوبلي، البحريني، المولود في مدينة توبل في القرن 19 والمتوفى في القرن 20، وهو إلى جانب أدبه فقيه وعالم.
* إبراهيم بن حسن قفطان (1785-1862م)، العراقي، المولود في ناحية الحِسچة، عالم أصولي وأديب وكاتب، وله مراجعات ومطارحات مع شعراء عصره كالشاعر الموصلي عبد الباقي بن سليمان العمري (1204-1279 هـ)، ومن شعر القفطان من الرمل:
يا فتاة الحي هل من لفتة ** بوصال أو خيـال لفتـاك
تحملين العذر في الهجر له ** وهو لا يصغي إلى غير لقاك
* إبراهيم بن حسن النقشبندي (ت 1509م) الإيراني، الشبستري المولد، له منظومتان واحدة في النحو وأخرى في المنطق، وقد أسموه "سيبويه الثاني".
* إبراهيم بن حسون ياس الزبيدي (1915-1982م)، العراقي، الطويرجاوي المولد، شاعر ومدرس في الثانويات العراقية.
* إبراهيم بن حسين بحر العلوم (1832-1901م)، العراقي، النجفي المولد، برع في العلوم الأدبية ونظم الشعر وهو في العشرين من عمره.
* إبراهيم بن حسين العلوي (1923-1962م)، العراقي، الكربلائي المولد، شاعر وكاتب، عمل في دوائر المالية والتربية.
* إبراهيم بن الحصين الأسدي (ت 61 هـ) وهو ممن استشهد في واقعة الطف تحت لواء الإمام الحسين بن علي (ع).
* إبراهيم بن حيدر فران (1920-1983م)، اللبناني، النبطي المولد، الذي قادته سفن الهجرة إلى ساحل العاج ثم الغابون وفيها مات.
* إبراهيم بن صادق العاملي (1806-1867م)، اللبناني، الطيبي المولد، وهو إلى جانب الشعر فقيه وأصولي صاحب منظومة فقهية من 1500 بيت، وهو القائل عن بغداد من الكامل:
قلبي يحن إلى العراق ولم أكن ** لا من رصافته ولا من كرخه
لكنَّ في بغداد لي من قربه ** أشهى إلي من الشباب وشرخه
* إبراهيم بن العباس الصولي (792-857م) البغدادي المنشأ، وهو إلى جانب الشعر كاتب العراق في عصره.
* إبراهيم بن عبد الحسين العُرَيّض (1908-2002م)، البحريني، المولود في مدينة بومباي الهندية، ترأس في العام 1972 المجلس التأسيسي الذي وضع أول دستور للبحرين بعد الاستقلال وكان ينظم بالعربية والإنكليزية والفارسية والاردوية.
* إبراهيم بن عبد الرسول الحُمُوزي (1897-1951م) العراقي، النجفي المولد، فقيه وخطيب وشاعر.
* إبراهيم بن عبد الزهراء العاتي، العراقي، المولود في مدينة النجف الأشرف في العام 1949، وهو إلى جانب الشعر أديب وكاتب وأكاديمي، يتولى اليوم عمادة الدراسات العليا في الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية في لندن. وهبه الله ملكة نظم العامود والحر، ومن مطلع قصيدة في ذكرى ميلاد الامام علي (ع) من بحر البسيط:
لا تسأل القلب عن لحن يُردده ** ذكرى الأحبة تشجيه وتسعدُه
الذكريات غراس الروح أحملها ** والعُمُر يعهدها سقياً وتعهـدُه
* إبراهيم بن عبد الله الجيلاني ( ت 1707 هـ) الإيراني، اللاهيجاني المولد، فقيه وأديب.
* إبراهيم بن عبد الله الغراش، المولود في مدينة القطيف في العام 1942م، وهو خطيب وأديب.
* إبراهيم بن علوان النصيراوي، العراقي، المولود في مدينة العمارة في العام 1956م، وهو خطيب حسيني بارز.
* إبراهيم بن علي البلادي ( ت بعد 1737م)، البحريني الجنسية، فقيه وأديب.
* إبراهيم بن علي القرشي (709-792م) المولود في السيالة من قرى المدينة المنورة، وهو المشهور بابن هرمة، يقول في حب أهل البيت من المتقارب:
ومهما أُلام على حبـهم ** فإني أحـب بني فاطمة
بني بنت من جاء بالمحكما ** ت وبالدين والسنن القائمة
ولست أُبالي بحبي لهـم ** سواهم من النعم السائمة
* إبراهيم بن علي الكفعمي (ت 1499م) اللبناني، المولود في كفرعيما، نزل كربلاء طالبا ومات فيها فقيها.
* إبراهيم بن عيسى الحاريصي (ت 1771م) اللبناني، الحاريصي المولد، وهو من علماء جبل عامل.
* إبراهيم بن مالك الأشتر (ت 690م) العراقي اليماني الأصل، وهو إلى جانب الشعر قائد عسكري قتل قتلة الإمام الحسين (ع)، وقتل في العام 71 هـ قرب سامراء، وله مزار، وهو أول من شيد مع نجله محمد، قبة لمرقد الإمام الحسين (ع) في العام 66 هـ.
* إبراهيم بن محمد بري (1917-1997م) اللبناني، المولود في تبنين، وهو أديب وكاتب له من الدواوين ستة.
* إبراهيم بن محمد التبريزي (1895-1961م)، المولود في النجف الأِشرف، وهو مدرس وأديب.
* إبراهيم بن محمد حسن النصار المولود في مدينة كربلاء المقدسة في العام 1929م، وينظم بالعربية والفارسية.
* إبراهيم بن محمد الحمّار (1893-1971م) المولود في قرية الكويكب التابعة للقطيف.
* إبراهيم بن محمد الحنفي (1645-1708م) السوري، الدمشقي المولد، والمشهور بابن حمزة من أعلام دمشق وعلمائها.
* إبراهيم بن محمد شرارة (1922-1983م)، اللبناني، المولود في بنت جبيل وفيها دفن وهو إلى جانب نظم الشعر تاجر حر.
* إبراهيم بن محمد صالح الخالصي (ت 1830م)، عراقي، أديب وفقيه أصولي.
* إبراهيم بن محمد العطار (1444-1514م) العراقي البغدادي المولد، أديب وفقيه، وهو والد السيد حيدر الذي ينتسب إليه السادة الحيدريون في الكاظمية وبغداد.
* إبراهيم بن محمد الكوفي (1009-1073م) العراقي، الكوفي المولد ويرجع بنسبه إلى الإمام علي بن الحسين السجاد (ع)، وهو إلى جانب الأدب محدّث.
* إبراهيم بن محمد نشرة (ت بعد 1834م) المولود في البحرين، وهو عالم وشاعر.
* إبراهيم بن مهدي الحسيني العاملي (1916-1986م) اللبناني، المولود في بلدة الدوير، مارس مهنة التدريس إلى جانب نظم الشعر.
* إبراهيم بن ناصر مبارك (1907-1979م) البحريني، المولود في قرية هجر، مارس نظم القوافي إلى جانب تدريس العلوم الإسلامية.
* إبراهيم بن نصر الموصلي (ت 1213م) العراقي، المولود في السندية من قرى بغداد، الشافعي المذهب، وهو فقيه وشاعر.
* إبراهيم بن يوسف مرتضى، اللبناني، المولود في دير قانون رأس العين في صور في العام 1941م، يمارس مهامه الإسلامية والثقافية في أبيدجان عاصمة ساحل العاج إلى جانب نظم الشعر.

إنجازات نبيلة
ومما يضفي على المعجم أهمية، مجموعة فهارس في 32 حقلا يحتاج إليها الباحث والدارس والقارئ. وألحق الدكتور محمد صادق الكرباسي بالكتاب كما هو دأبه قراءة نقدية لعلم من أعلام البشرية، حيث أقر البروفيسور نويل كينغ (noel q. king) الأستاذ في علم التاريخ والأديان المقارن في جامعة كاليفورنيا (university of california, santa cruz) والمدير المساعد السابق لكلية جامعة ماكرير (makerere university college)، وصاحب كتاب الدين في أفريقيا (religion in africa): "إن الموسوعة الحسينية سوف تعزز قطاعا واسعا من المعرفة الإنسانية بانضمامها إليها، وستدفعها قدما إلى الخطوات اللاحقة التي ستبعث فينا الثقة بأن الله غرس فينا ما يمكننا من الاستمرار لنجد طريقنا نحو الحقيقة وفهم حكمة الله في العالم على الرغم من كل المصاعب" وانتهى البروفيسور كينغ إلى التفاؤل بان: "الموسوعة الحسينية ستحمل أنبل وأسمى الإنجازات الإنسانية، وستواصل بحثها ورقيّها من أجل الكون والحياة والإنسان".

 

الخميس 24/5/2007 م 7/5/1428 هـ